سر 7

عار فلن ممم و ل رغ دي الات

بتوطايق سنيسنك

ابتيو عم اهار تقراف 0 العف سيق

ااه تالليت ايام الميَا فيإ لمارف الله تالف امتيؤع م اوها م2 _الشايت

524 -

التوة شح 5

يل صا ص عن ل له

ضيطيها وصككرها على عليهما لبو ْالكدعْمعَاصِمٌ باه كات سيت الشّاذفالرقادري

دارالكنب العلميةق

أسسها محمد علي بيضون سنة 1971 بيروت - لبتان

أسسها محمد علي بيضون سئنة 1971 بهروت - لبان

عطعام لمم © معلامعوع”م وغطواء اله 5665م 155أممل دناه

جميسع حقوقاللثي ةالادبييةولفئية محفوظخقة لدارالكتبالعلمية بسيروت لبنان

ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أوإعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجر أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضونية إلا ببوافقة الناشر خطيا.

ج نزط قاطواء علااقناء»ع وممةمع) - أبماع8 كأ ةلمم ااام 005)ا-الم :03

رلععقاقصض عط برق نمنوءةاطام كلك أه ععوم ولح ,كتقعم نإمة لإطا عه كمه لمج مذ لععنطتسوال ,لعءنلمممعم عل عنو اها معكرو لومعم عه عكه] فثقك 2 دأ عمد عه

ععطكااطنم عط أه ممأككتممعم معت عملم

© ذه مذبصعوة: اددع اد ناء© 19أنك 5له1

موطنا - لانمعرع8 طة مادام طمغه)ا-الم :023 من نالنامع! ناه مونتل فم ,صمل أله رومن مجع كم ممعم عايين1 8 بكتزقم كنامة ,5ذلغ6عمهم ذبهة عهم روااعنعهم عمقم مع از عمع عمط ' عهم عغمونو واطذاهةهم ممنو5معناة كرود 5 أناةلاهم كعك 4 علومعمعمعممء ع! أنممع5ممك عع .كع ند انز

الطبعة الأولى لاقم خ1558آاه

دار الكنب الغلميق

أسسها محمد علي بيضون سئة 1971 بيروت- ليتسان طفلإتطراادنة مكمه كا-لم 03 كددناىاطنم ونملعزهة ألة مه مم1

عرمون . القيبكه أقام3-06 رمنع ممم مينى دار الكتب العلميية ‏ .81098 ذقبزنم|!ذلة ممزهكاءاه ,08 هاتف:؟اثراار ١0م‏ 01م ه اككد ‏ 810/11/12 804 5 961+ : اه فكس: 15م 4١خ‏ هالكذ4 96153و ص.ب: 11-5555 يلوت - هن 4903000انالاع8 11-98424 0680© رياض الصلح حييروت .وم با.ود 2290 1107 الوأه8 للواهدك-اة لهرت

صمء. لله نزتصخ- بج بتايه//:مااط صرمء. لقنزنصس[خ-21© كعلهد دمع طه نزتم[ أ-اج © مم1

لمع طق نر نص 11 لله © رنهل 09

االعاك ماق االعؤاللةا! :316

ااانا للملا ززلالاناة إذالا انفلا 1ئلة5-لق انف ١‏ |لإملك عرد مسمرمع 8780 اق لذلا لااكة الاماة فاق

مكلنا5 :مه أأوء 1355111

أمقذخةة-اح طفططهن/لا-انلطخ طبرهة-ام ::0طاأناك

الفبجرة»!-لج متطقرطا داعم 0 :زم )أل طهلزنم | ذ-ام طمأمكا-ام عو0 :رع طاو أألطسط 2 :5م230

7 :مسق17

ممموطع | تمأ لعأامامص

18 :مملأأالع

الكتاب: موازين القاصرين

ويليه : المنئح السئية

على الوصية المتبولية التصئيف: تصوف المؤلف: الإمام عبد الوهاب الشعراني المحقق: د. عاصم إبراهيم الكيالي الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت عدد الصفحات: 112 سنة الطياعة: 2007 بلد الطباعة: لبنان الطيعة: الأولى

رونك 016 2-7451-5621-7 نود (#نك 13) 978-2-7451-5621-1 ل588ا

2 ا ا‎ ١ ١|

52706

تقدديم

الحمد لله الذي بذاته تعيّنت الأعيان الخلقيّة في الجبروت» وبصفاته تفصّلت في الملكوت» وبأفعاله ظهرت في المُلكء» وبأسمائه برزت حقيقة الإنسان الكامل الحقيقي المخلوق بيديٌ الجلال والجمال» وبأحكامه ميّر الخبيث من الطيب» والسعداء من الأشقياء.

والصلاة والسلام على سيّدنا محمد عبد الله ورسولهء وخليله» وحبيبه؛ وصفوته من مخلوقاته؛ الرحمة المهداة» مصداقاً لقوله تعالى : «إوما أَرُسََْدلك إل َحمَهٌ لِنْعليِيت )4 [الأنياء: الآية 107] .

وقوله يَكِهِ: «إنما أنا رحمة مهداة». وقوله يلد : «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر).

وقوله يكت : «إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيّك من نورهء فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاءء ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلمء ولا جنةء ولا نارء ولا ملك؛» ولا سماءء ولا أرض» ولا شمسء. ولا قمرء ولا جني» ولا إنسي» فلما أراد أن يخلق الخُلق قسّم ذلك النور أربعة أجزاء» فخلق من الجزء الأول القلم» ومن الثاني اللوح» ومن الثالث العرش . ثم قسّم الجزء الرابع أربعة أجزاءء فخلق من الجزء الأول حَمّلة العرش» ومن الثاني الكرسي» ومن الثالث باقي الملائكة. ثم قسّم الجزاء الرابع أربعة أجزاءء فخلق من الأول السماوات» ومن الثاني الأرضين» ومن الثالث الجنة والنار. ثم قسّم الرابع أربعة أجزاء.

فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين» ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله؛ 3

4 تقديم ومن الغشالث نور أنسهم وهو التوحيد لآ المنالا أنه عست رسول الله . . .») الحديث رواه عبد الرزاق بسنده عن جاير بن عبد الله .

وبعد. فقد كثر فى زماننا هذا انحراف أعمال المنتسبين للدين الإسلامى الحنيف في مقاماته الثللاث : الإسلام؛ والإيمان والإحسان. وكثرت البدع والدعاوى الكاذبة» وخصوصاً في المدّعين سلوك التصورّف الإسلامي الشارح لمقام الإحسان من شيوخ ومريدين.

لذا دعت الحاجة إلى نشر كتابين فى هذا المجال:

الأول : بين الشيخ الصادق من الكاذب» والمريد السالك من المدّعى.

والثاني : يبِيّن السلوك الصحيح إلى حضرة الحق تعالى .

لعَلّم من أعلام الشريعة» والطريقة» والحقيقة» العارف بالله تعالى» الإمام المحقّق الشيخ عبد الوهاب الشعراني قدّس سرّه.

واسم الكتاب الثاني : «المِنّح السَنْيّةَ على الوصيّة المتبوليّة) .

هذاء ولا بد من الإشارة إلى أن كتب التصوّف الإسلامى تساعد المُريد على الاطلاع على الأحوال والمقامات, التي يمر بها السالك إلى الله تعالى» كما يطلع على الحجكم والقواعد الصوفيّة» التي يستلهم منها كيفيّة التحقق بأحكام مقام الإسلام وأنوار مقام الإيمان» وأسرار مقام الإحسانء وصولاً إلى قوله تعالى:

وَعْبْدَ رَيّكُ حَقٌّ يَأنيَكَ القت )4 [الججر: الآية 99]. كل ذلك بإشراف ورعاية

وتربية شيخه العالم بأمراض النفوس والقلوب؛ وبالأدوية الشافية له من هذه الأمراض» لأنه ورث عن النبي يَكِةِ علوم وأسرار مقامات الدين الثلاث: الإسلام» والإيمان» والإحسانء الشريعة» والطريقة والحقيقة» المُلْك والملكوت والجبروت؛ مصداقاً لقوله يكَكلةِ: «العلماء وَرَنَةَ الأنبياء»» وقوله يلةِ: «إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون ديئكم».

ونرجو الله تعالى أن ينفعنا والمسلمين بما في هذه الكتب من الحب

ع

تقديم

والإخلاص والصدق واليقين» ومن أنوار أسرار ما تعبّدنا لله به على لسان نبيه يلي 0 5 . 200 07 2-200 2 ل لاك رفير 2 رك > مس ورم مي مصداقا لقوله تعالى: ولد كن ل فى رسول الله أسوة حَسَنَةَ لمن كان برجوأ

1

َالو لآير وَوكرُ لَه كبا 49 [الأحزّاب: الآية 21]» وقوله تعالى : لوا بيلق عن نوك © إن هْرَ إِلَا م ينك 4029 [النجم: الآبتان 4:3]» وقوله تعالى: ##ومَن بلع الله ولول كَأوْليكَ م الدِنَ لهم أَمَهُ عَلتِم ين اليينَ وَالصَدِبِِنَ وَالمُبَدَ لصحن مَحَمْنَ أُوْلِكَ رَفِبِكًا 469 [الئساء: الآبة 69]» لننال السعادة الحقيقية المتمثّلة بمعرفة الله تعالى في الدنياء والنظر إلى وجهه الكريم في الآخرة» مصداقاً لقوله تعالى: «إدُيهٌ يوْيَذَ أَمِرءُ © إل ييا يرد 402 [القِيَامَة: الآيتان عرص اا

كتبه الشيخ الدكتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي

ترجمة العارف بالله تعالى الشيخ عبد الوهاب الشعراني(*)

0013 - 000(

الإمام العامل» والهُمام الكامل» إنسانُ عين ذوي الفضائل» وعينٌ إنسان الواصلين»؛ من ذوي الفضائل» العابد» الزاهد» الفقيه. المحدّث؛» الصوفي» المربي المسلك» قطبٌ دائرة فلك المتّقين» قدوةٌ الأولياء والعارفين» فريدةٌ الأتقياء والواصلين» ووارث علوم الأنبياء والمرسلين» المنتظمٌ بسلسلة «علماء متي كأنبياء بني إسرائيل»»: مرشد الخلائق إلى سواء السبيل» المختصٌ بشرائف عواطف الملك التوّاب» المفيض عليه من كمال الأسرار والمعارف من لدن العليم الومّابٍء قطبٌ الأنجاب والأبدال والأقطابء أستادُ أهل الإرشاد والتسليك الشريف حسّاً ومعئى» حَسّباً ونسباء بلا تحقيق» طاهرٌ النسبتين» المتمتّعُ بمشاهدة جمال الحضرتين» تاج الدين» وغوتٌ المسلمين» وأستاذ المتصرّفين» وملادُ أهل التمكين» صاحبٌُ المَّدّد الأكبرء والفضل الذي لا اميه أ الس افيه كيرف الدرى لالظ ود لان اميد الرهاي يي د ) اد بن سيدنا شهاب الدين علي الشّعراني الأنصاري الشافعي» المحمّدي ذاتاً وصفانا لق ةر ظويد وعم + سافن لقان »اقلت الطزواف السرائنة الشاذلية» وعينُ أعيان أهل الدوائر العليّة .

كان رضن الثعنه من أصحات الدوائر الكبرق المتمكتين فى الولاية مقن ان د يوم #ألست ريم # [الأعرّاف: الآية 172]» وكان باطئّه وظاهره محمديّاء وإن شئت قلت: قينا تؤرائيا؛ () هذه الترجمة مقتبسة من كتاب (طبقات الشاذلية الكبرى) المسمى (جامع الكرامات العلية فى طبقات السادة الشاذلية) لأبى على بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسى المغربى المتوفى سنة 1347 هجرية. * 6

ترجمة العارف بالله الشييخ عبد الوهاب الشعراني 7

تربى» رضي الله عنهء يّتيماً بكفالة نبي الله سيّدنا الخضر عليه السلام» وبنظرات جده سيدي شهاب الدين» رضي الله عنه» فولد ونشأ رضي الله عنه وليّا من أولياء الله تعالى. ولما ترعرع» وصار في ريعان شبابه» ظهرت فيه علاماتٌ النّجابة» ومخايل الولاية» فاجتهد في طلب العلوم» وحفظ القرآن» وبعض المتون» وحاز العلوم والفنون» وتسدّر بالفقه حتى كملّ رشده» وطار ذكرفف اشتغل بالطريق فلاحت عليه بشاراتٌ أهل التحقيق» وصار ركناً من أركان الطريق يُعتمد عليهء وقد أقامه الله رحمة للعباد» لما اجتمع بسيد العباد؛ء وجاهد جهاد الأبطال حتى عُدَّ مِن فحول الرجال.

ومكث سنين طوالاً لا يتضجمٌ على الأرض ليلا ولا نهاراًء بل انّخذ له حبلاً في سقف خلوته. فجعله في عُنقه ليلا حتى لا يسقطء وكان يطوي الأيام المُتوالية» ويّديم الصومء ويّفطر على أوقيةٍ من الخبزء ويجمع الخرقٌ من الكيمان» فيّتخذها مرقعة فيستتر بهاء وكانت عمامته من شّراميط الكيمان» وقصاصة الجلود.

واستمر على ذلك حتى قويت روحانيثة» فصار يطيرُ من صحن جامع الغَمْري إلى سطوحه؛ ورأى في مجلسه الجنّة والنارء والصراط والحشرء والحوض» وكُشف عنه الحجاب» فشاهد الأمور العجاب» ورأى ما خلف جبل قاف. وتكلّمَ بسائر اللغات» واستأنسث به الوحوشء» وتكلّم بما يُبهر العقول» وشهدت بفضله الأئمة الأعلام» ودانت له رقاب الأنام؛ وخدمته الإنسٌ والجان» والوحوش من جميع الآكام؛ واطلع على عجائب مخلوقات الله» وبلعٌ من الورع والزهد مُنتهاه» حتى إذا مشى رحمه الله في الأسواق» تندلق عليه الناس أيٌٍّ اندلاق» واعتقدته جميعٌ الخلائق» حتى اليهود والنصارى, وأسلمَ على يديه الكثيرُ منهم» وتاب على يديه من العصاة ما لا يُحصر عددهء وصاروا من فقرائه. لما أمدّهم بمددهء وكان يُسمعٌ لزاويته دوي كدويّ النحل ليلا ونهاراً من خارج أبواب مصر .

خدم المشايخ والأولياء. فخلدلمته أهل الأرض والسماء. وسعوا له حبنوا

8 ترجمة العارف بالله الشيخ عبد الوهاب الشعراني على وجوههمء. وأذعنت له الأمراءٌ رغم أنوفهم , كانت تأتي إليهم الشفاعات» فيقبلونها صاغرين» ويُجبرون أصحابها ويردُونهم سالمين.

وكان» رضى الله عئه» مجاب الدعوة» عظيم السمعة» ليّن الجانب» انا

وكان يلبس فى بدايته الملايس الغالية؛ وييجالس العلماء ويلاطفهم» وكان مُواظباً على السّنة المحمدية؛ مُراعياً للمذاهب الأربعة لا يُفرّق بينهم» وقد أطلعه الله سبحانه وتعالى على مُقاماتهم؛ وكان يقول: جزاهم الله عنّا خيراً.

وكان رضى الله عنه مورّعاً أوقاته على العبادة؛ ما بين تأليفب وتصنيف» وذكر وتذكير؛ وصلاة على الشير النذير» وتوبية بالذلال والكمال.

أعطى رضى الله عنه ناطقةً جميع الأولياء؛ وكانت تتبتٌ الأولياءٌ بساحه» كما تنبت الأرض بماء السماء.

وكان رضى الله عنه متَسْلّقاً بأخلاق أهل الله مؤثراً على نفسه» كريماًء يَعطى عطايا الملوك. وينفق على الفقراء وذوي الحاجات» وكان يجتمع عنده بالزاوية نحو مئة من الفقراءء فكان يقومٌ بهم نفقة وكسوة.

وكان عظيمَ الهيبة» وافرَ الحُرمةء يأتي إلى بابه أكابرُ الأمراءء فتارة يجتمعون به وتارةً لا يجتمعون.

وكان رضى الله عنه ذا همّةِ عالية» فكان يأتيه الكتابٌ الكبير الحجمء فيطالعه ويُراجعه» ويضع عليه تقريراته في ليلةٍ واحدة» وأرسل له ناصر الدين أشكلت عليه فى الظاهرء فلمًا أتى بها النقيب» وصل إليه فى الزاوية مساءًء فأعطاها له وأراد الانصراف» فقال له: حتى تأخذها في الصباح . وباتٌ عندنا هذه الليلة. فيات النقيب» وأخذ (المدوئة») سيدي عبد الوهاب» ودخل خلوته. وبعد مضي زمن يسير » خرح من الخلوة» وردّها إليه» فأصبح الرجل 2 ومضى إلى سيدي ناصر الدين» و«المدونة» معهء ففتحها سيدي ناصر الدين اللقاني»

ترجمة العارف بالله الشيخ عبد الوهاب الشعراني 9 فوجد عليها تقريرات وتصليحات» فتعجبٌ غاية العجب» فسأل نقيبّه عن ذلك» فقال: لا أعلم غيرَ أنّ سيدي عبد الوهاب لما أخذها مني؛ ودخل خلوته؛ ردّها إلىّ بعد عشرين درجة» فلم أفتحهاء وأحضرتها إليك كما هى. ولقد رأيته يا سيدي والله ما ترك وْداً من أوراده ولا تهجٌداته .

وكانت الأمراء» وأربابُ الجاهء يحبُّونه محبّةٌ شديدة» ويعتقدونه لصلاحه وورعه»ء وكان السّلطان الغوري» رحمه الله يحيّه محبَّةَ شديدة» ويعتقده اعتقاداً جاذ ما وأهدى له مرَةٌ سجّادة وكافنا عرضه سبعة أذرع» وطوله ثلائون ذراعاً» أهداه له سُلطان الهند في قشرة الجوزة؛ فأعطى رضي الله عنه الشاش لأخيه سيدي مولانا عبد القادر وأبقى السجادة ولم يستعملها مذدّة حياته؛ ولم يردّها على السلطان أدباً منه» وكان هذا ديدنّهء ومشربه الأدبُ مع ولأة الأمور» ومّن ونهمء يُراعي حرمة الفقير والغني» والكبير والصغيرء وهذه قطرةٌ من بحر فضائله .

وكيف لنا أن نقوم بحصر مناقبه؟! فهو إمامٌ المحققين على الإطلاق» ومربي المُريدين بأقوى قواعد التمكين» وفاتح أقفال غوامض معنويات إشارات المحققين» ومَغبرُ رموز محلات مشكلات العارفين» واسطةٌ عِقد السّالكين» زوتخالة وحوة الواضتيرةء الدئ أفابقة القدزة الالية:» ورقي العناية الزبائية؟ واللطائف الرحمانية» فسلك الطريقة الإلهية» مُتّبعاً للكتاب العزيز والسنّة المحمدية» وتفقّه حتى وصل إلى الغاية» في مذهب السادة الشافعيّة» وفتح الله عليه بالافتتاحات الربانيّة .

ولم يزل مُعظماً في صدر الصدورء مُبجّلاً في عيون الأعيان» حتى نقله الله تعالى إلى دار كرامته» عام تسعمائة وثلاثة وسبعين» ودفن بزاويته بين الصورين» وحضر جنازته جمعٌ حافل من العلماء والفقهاء والأمراء والفقراء» وكان يوماً مشهوداً في مصرء وصّلَي عليه بالأزهر الشريف. وقرىء نسبّه الشريف على الذكت وكيل علق الأعناق يف فاه وعم نت عتاريه :الأ ولياء الأحياء والأموات» ورجالٌ الدوائر من الإنس والجن من سكان البراري والوديان وما

10 ترجمة العارف بالله الشيخ عبد الوهاب الشعراني ا ا اه

وراء اليحار» حتى لم ثر قط جنازة بمصر مثل جنازته. وعكفت الطيورٌ تحوم حول نعشه» ويكت عليه الجمادات» وتقطعتٍ القلوبٌُ أسفا عليه .

وتخلف 6 وحعة اله كرا ناا وثساة عطرا زاكيا: وبع وناته حاترت الخيرات على زاويته من كل فج عميق» فأوقفوا العقارات والأطيان» وشيّدوا له كنذا ايها اق بمقامه . وضريحاً خاصاً له وبعاليه قبَّةٌ معقودةٌ ومقصورة» ورثراء له العرفات.

وصار مسجده يُعدُ من أعظم مساجد مصرء وضريحُه من أجل الأضرحة التى يُستجاب عتدها الدعاء» ومدذه فائض بين العباد» تقصذه دوو الحاجات والمتعسرين» فيقفون بين يديه» ويتوسّلون إلى الله بكشف الكروبء» وما زاره أحدٌ إل ورد مجبورٌ الخاطر.

وهو رضي الله عنه, نصيرٌ الضعفاء نا واعننا: تردحم الناس عليه» وينذرون له النذور والشموع. وما من أحدٍ حلّ ساحته إلا وأفاض عليه من مَدْدِو) رحمه الله وتقصذه أهالى مصر قاطبةٌ» من كل مل ويؤملون عنده خيراً كثيراً.

اللهمّ أمدنا بمدده الفيّاض» واحشرنا تحت لوائه» وأدم عليئا بركاته.

5-5

أمين .

تقريظ

الحمد لله الذي ظهر فيما بطن» وبطن فيما ظهرء والصلاة والسلام على خير مكمّل للبشر من البشر»ء وبعد:

فإن الأقلام التي تكتب كثيرة» والأيادي التي تمسك بالأقلام ضخمة» والعمائم التي تنظر إلى السطور التي تزبرها بزهو غير قابلة للوحصاء ولكن الذين يكتبون بروح العرفان للتصوف هم النخبة النادرة لأنهم لا يضعون بين يدي القارىء سطورا ولا حبرا على ورق» وإنما يضعون قلوبهم قرى للإنسانية لتذوق طعم تلك القلوب بما أشبعت من حلاوة الإيمان ونور اليقين.

والشيخ عبد الوهاب الشعراني وثيقةٌ قلب رباني يرشد قلوب وأرواح الصادقين إلى مقام اليقين.

وإن قلبه قلم قدرة إلْهية تقلّم كل نبت نشازء وبعد التقليم والتشذيب تميزه بكامل القرى العرفاني والزكاء الرباني.

فهو يمتاز في مقام التربية بالجمع بين يقظة المربي؛: وحنان الأم الرؤوم» والأب الحنون الحازم» وهذا شأن الصوفي الكامل ينقد بقلبه وروحه لا بئفسه وهواه» وإذا كملت الأمومة والأبوة والمقرئة المضيفة فقد كَمّل التلميذ والمريد.

هذا وإن كان كتاب «رسالة في موازين القاصرين» صغير الحجم في مبناه

فهو عظيم المعنى في فحواه» فقد احتوى معان كثيرة نوجزها في الآتي : 11

12 تقريظ

١‏ التسليم للجميع بالإسلام» وإن كان الواجب فيمن يدعي الإسلام أن يكون نموذج تنفيذ لجميع الأوامر.

2 - عدم التسليم لمن يدعي المشيخة؛ لأنها تفتقر في أصل دعواها إلى مقام الإحسان؛ فكيف يدعيها من لم يحقق مقام الإيمان بل لم يتقن وظائف الإسلام» وقد ذكر الإمام الشعراني رحمه الله بعضاً من علوم الشيخ الكامل وذلك ليرد على من يدعي الكمال لنفسه أو لشيخه؛ كما هو متفش في زماننا والعياذ بالله . ْ نا

ومما قاله في كتابه «لواقح الأنوار»: «فاعلم يا أخي أن أكثر من يقع في خيانة العهدء المتصوفة الذين لا قدم لهم في الطريق» فربما رووا عن رسول الله يَكْيهِ ما ليس من كلامه لعدم ذوقهم الذوق الذي يجعل لهم فرقانا يميزون به بين كلام النبوة وكلام غيرهم» ولو أنهم كانوا من العارفين لعرفوا كلام النبوة وميزوه عن غيرهء فإن لامعة نور النبوة لا تخفى على من في قلبه نور .

3 - نصائح للمشايخ وللمريدين.

ومن بعض ما تشتمل عليه هذه النصائح :

أ- أن يترك الجميع باب البطالة ويلجئوا إلى الحِرّف لأجل الكسب الحلال» فهو القائل في بعض كتبه: «يعجبني الصوفي الذي مسبحته منشاره؟". وهو في هذا الكتاب يرى أن ذل العامل للعمل الشاق ربما كان أعلى في السلوك مد دعي امكيف أو مارك يع العطالة:

ب - أن يترك المريد الاعتداد بالإذن الصادر من المشايخ القاصرين ليكونوا

ج - أن يعلم عدم صحة دعوى المشيخة من المأذون فى حياة الآذن وإنما

د - أن لا يدعى الإنسان فوق مقامهء وإن أذن له بذلك فالآذن قاصرء والمأذون ملق بنفسه إلى التهلكة؛. ويحسن بمن أذن له ألا يدعى فوق مقامه بل

تقريظ 13

يصطبر حتى يجد الإذن الصريح في قلبه شهوداًء وفي فقه الطريق ذوقاً بما يربي به غيره.

و- أن يتفقه في العلوم الشرعية بحيث يكون مستحضراً لها بعد أن يفيض لله تعالى معانيها على قلبه» وألا يترك النصح للمسلمين باعتباره طالب علم وطالب تحقيق يسير مع من يرى نصيحته إلى أن يصل الجميع إلى معرفة الله تعالى ورضوانه . الكثير» والله من وراء القصد.

وفي الختام لا يفوتنا أن ننوه بتمكن محقق الكتاب الشيخ الدكتور عاصم الكيالى الحسينى الشاذلي الدرقاوي من علمى التوحيد الدليل والبرهان والشهود والعيان؛ فهو الخبير بعلم الكلام على مذهبي الأشاعرة والماتريدية؛ وبعلم الفن» فنسأل الله تعالى لنا وله ولجميع المسلمين التوفيق والحفظ في جميع أقوالنا وأفعالنا وما ذلك على الله بعزيزء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

خادم العلم الشريف عيسى بن عبد الله بن مانع الحميري المدير العام لدائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية - بإمارة دبى سابقاً

ترجمة الإمام عبد الوهاب الشعراني

عبد الوهاب الشعرانى» هو: أبو المواهب أبو عبد الرحمن بن أحمد بن على بن أحمد بن محمد بن ذوقا بن موسى بن أحمد السلطان يحيى بن السلطان

ولد في قلقشندة بمصر سنة 1493ه - 898 ميلادية» ونشأ بساقية أبي شعرة من قرى المنوفية» وإليها نسبته الشعراني.

توفي في القاهرة سنة 973ه - 1565 ميلادية. وهو من كبار علماء السادة الشافعية» فقيه وأصولى» ومحدث. وهو كذلك عارف بالله تعالى؛ من متابعى الطريقة الشاذلية .

له تصانيف عديدة بالشريعة والطريقة والحقيقة» أي بالعلوم المتعلّقة بمقام الإسلام والإيمان والإحسان. وهذه المقامات تقابل : الاجسد.» والقلب» والروح. في الإنسان والملك والملكوت والجبروت في الآفاق.

اعتنى بشرح ما أشكل من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي» لا سيما ما ورد منها في كتابيه (الفتوحات المكية» و«فصوص الحكم».

أساتذة الشعراني

ذكر الشيخ نجم الدين الغزي في «الكواكب السائرة» ما نصه: «قرأ علي زين الدين المحلي شرح المحلي على جمع الجوامع وحاشيته » وشرح العقائد للتفتازاني» وحاشية ابن أبي شريف عليه؛ وشرح المقاصدء. وشرح العقول لأبي

14

ترجمة الإمام عيد الوهاب الشعراني 15 العراقى » للمصنف » وشرح الشاطبية » وغيره.

وعلى النور السنهوري الضرير» الإمام بجامع الأقمرء عدة كتب منها: شرح نظمه للأجرومية؛ وشرح شذور الذهب» وشرح الألفية للمكودي .

وعلى المحقى منلا علي العجمي بباب القرافة: قطعة من المطول والعضد» وقطعة من البيضاوي.

وعلى الصاني وعيسى الأخنائي والشرف الدمياطي الواعظ بالأزهر كل

وعلى القسطلاني: كل المواهب» وغالب شرحه للبخاري.

وعلى النور بن ناصر: من شرح المنهاج للمحلى أيضاً. وعلى النور الأشموني,: قطعة من شرحه المنهاج الذي نظمه وشرح نظمه لجمع الجوامع . للرسالة. ومختصره لآداب القضاء» وشرح التحرير» وغير ذلك.

وعلى الشمس الحنبلي: قطعة من تفسير البغوي؛ وعلى البرهان القلقشندي قطعة من شرح المنهاج. وأجاز له.

وعلى الشيخ شهاب الدين الرملي. الروضة .

تصانيف الإمام الشعرانى

كان الشيخ عبد الوهاب الشعراني آية في الكتابة والتأليف» له مؤلفات عديدة في سائر العلوم» منها: «الأجوبة المرضية عن أثمة الفقهاء والصوفية»» و«أدب القضاة». و«إرشاد الطالبين إلى مراتب العلماء العاملين»» و«الأنوار القدسية فى معرفة آداب العبودية»» و«البحر المورود فى المواثيق والعهود». و«البدر المنير» في الحديث» و«بهجة النفوس والأسماع والأحداق فيما تميز به القوم من الآداب والأخلاق»» واتنبيه المغترين في آداب الدين»» و«تنبيه المفترين

016 , ترجمة الإمام عبد الوهاب الشعراني

الكبرى»»؛ و«الجواهر والدرر الوسطى». واحقوق أخوة الإسلام» وهو مواعظ» و«الدرر المنثورة في زبد العلوم المنشورة» وهو رسالة صغيرة» و«درر الغواص من فتاوى الشيخ علي الخواص»» و«ذيل لواقح الأنوار؛ وهو جزء صغيرء و«القواعد الكشفية» في الصفات الإلهية» و«الكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر»» و«كشف الغمة عن جميع الأمة»» و«لطائف المنن» ويعرف ب: «المنن الكبرى»» و«لواقح الأنوار في طبقات الأخيار» ويعرف ب: «طبقات الشعراني الكبرى»» والواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية»؛ و«مختصر تذكرة السويدي»؛ و«١مختصر‏ تذكرة القرطبى» وهو مواعظ. و«إرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء إلى شروط صحبة الأمراء»» و«مدارك السالكين إلى رسوم طريق العارفين»» و«مشارق الأنواراء و«المنح السنية»» و«شرح وصية منح المنة في التلبس بالسنة»» و«الميزان الكبرى»» و«اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر؛؛ وأكثر هذه الكتب مطبوع ومنها ما يزال مخطوطأً.

من كرامات الإمام الشعراني

والشيخ عبد الوهاب الشعراني» رحمه الله تعالى» علم من أعلام التصوف العارفين بالله تعالى» والمحققين في العلوم الشرعية الظاهرة وأسرارها الباطنة» وهو صاحب مدرسة في التربية والسلوك.

له كرامات جليلة اجتمع بكثير من العلماء والأولياء والصالحين. قال عنه الشيخ يوسف النبهاني: «أشهر أئمة العارفين من عصره إلى الآنء وأنفعهم بتآليفه لأهل الإيمان».

ومناقب سيدي عبد الوهاب الشعرانى» رضي الله عنه» وكراماته لا يمكن حصرها. ومنها: ما ذكره الشيخ يوسف النبهاني في كتابه «جامع كرامات الأولياء؟: «وقال سيدي عبد الوهاب الشعرانى فى آخر كتابه «اليواقيت والجواهر) وهو نحو خمسة وعشرين كراساً بالقطع الكبيرء ويشتمل على واحد وسبعين حدقا : «قل ألفته بحمد الله فى دون شهر» وطالعت الفتوحات على عدد مباحثه » فكنت أطالع على كل مبحث جميع الكتاب لأخذ النقول المناسبة له». وقد عدوا

ترجمة الإمام عبد الوهاب الشعراني 17 ذلك من الكرامات» فإن «الفتوحات» عشر مجلدات ضخمة» فعلى ذلك الحساب قد طالعت في كل يوم «الفتوحات» مرتين ونصف مقدار ذلك خمسة وعشرون جزءَ كل يوم. وقد قدمنا في مبحث الكرامات أنه يجب على صاحب الكرامة أن يؤمن بها كما يؤمن بها إذا وقعت على يد غيره».

وقال أيضاً: «ومن جملة ما وقع لي من الجن: أنهم أرسلوا إليّ نحو خمسة وسبعين سؤالاً في علم التوحيد لأكتب لهم عليهاء وقالوا: قد عجز علماؤنا عن الجواب عنهاء وقالوا: هذا التحقيق لا يكون إلا من علماء الإنس» وسموني في السؤال: شيخ الإسلام» فكتبت لهم الجواب عنها نحو خمسة كرارينن وسبيعه اكشك"الحجاتب والزان عن وجه أبكلة اليعان)"" .وهو كنات

قال: «ومما من الله تبارك وتعالى به عليّء كشف الحجاب عني حتى سمعت تسبيح الجمادات والحيوانات من البهائم وغيرها من صلاة المغرب إلى طلوع الفجرء وذلك أني أحرمت بصلاة المغرب خلف الشيخ الصالح الورع الزاهد سيدي أمين الدين الإمام بجامع الغمري رضي الله عنه» فانكشف حجابي» فصرت أسمع تسبيح العمد والحيطان والحصر والبلاط حتى دهشت» وصرت أسمع من يتكلم في أطراف مصر ثم اتسع إلى قراها ثم إلى سائر أقاليم الأرض» ثم إلى البحر المحيط» فصرت أسمع تسبيح السمك. وكان من جملة ما سمعت من تسبيح سمك البحر المحيط: سبحان الملك الخلاق» رب الجمادات والحيوانات والنبات والأرزاق» سبحان من لا ينسى قوت أحد من خلقه ولا يقطع بره عمن عصاه». اه. وذلك في سنة 923.

ثم إن الله تبارك وتعالى رحمني عند طلوع الفجر وحجبني عن سماع ذلك التسبيح لما حصل عندي من الدهشة» وأبقى علي العلم بذلك من طريق الكشف فتقّوى بذلك إيماني».

وأعظم كرامة للشيخ الشعراني» معرفته بالله تعالى التي تعتبر ثمرة تطبيق

(1) مطبوع في الدار بتحقيق الشيخ عبد الوارث ممحمد علي.

18 ترجمة الإمام عبد الوهاب الشعراني أحكام الشريعة» وقواعد التربية والسلوك. وهذه المعرفة ترجمها فى مؤلفاته لتكون نبراساً بعد وفاته للسالكين طريق الحق تعالى» نفعنا الله تعالى بعلومه وأفاض علينا من بركاته» آمين .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هذه رسالة (موازين القاصرين)» تأليف الإمام الم لقطب الربانى» والهيكل الصمدانى» العارف بالله تعالى سيدي عبد الوهاب الشعراني» أعاد الله علينا وعلى المسلمين من والآخرة آمين» والحمد لله رب العالمين» وهو حسبي وكفى .

19

سيب تأليف الرسالة

العو اتوي ةسكن عاقه الست [اتهدواة 52 والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف النبيين وخاتم المرسلين صلى الله عليه رعلى آله وصحيه أجمعين . وبعد:

سنت تأليقن الإمام الشعراني فقد دعاني داعي الشفقة على طائفة من الفقراء”' في هذا الزمان؛ سموا

(1) الفقير: من لا يستغلى بشىء دون الحق. هكذا قال الشلبى رحمه الله . يقل من لا يَملك ولا يُملك. ْ وقال مظفر القُّرْمسينى : الفقير من ليس له إلى الله حاجة. وهذا القول يحتمل وجوهاً: متهاة أن هذفحالة من" لا بريد غير الحق لتحفقة يمتام الأذياء اللين لا يررت أن وزاء الله غاية لتُطلب» فلهذا لا يعبدونه رغبة في ثواب» ولا رهبة من عقاب» فمن كان هذه حالهء لم يبق له حاجة غير الله ليكون ممن يريد الله لأجلهاء بل إنما يريد الله لله لا لشيء غيره. . وهذا هو المحب حقيقة المعرّب عن نفسه بقوله: من كان غنة الستان فالري مُحبَأ لِذِكْرِكٌ طول دَهْرِي عَامِلٌ سَهْرٌ الجّقُونٍ لِغْيرٍ وَضْلِكَ ضَائِعٌ وبُكَاؤُمُنْ لِغَيْرٍ هَجِرِكَ باطِلٌ ومنها: أن يكون المعنى بالاستغناء. أي عن طلب الحوائج وهدذا هو حال أهل الفناء» إذ كان الفاني ليس هو ممن يصح أن يوصف بالشعور لشيء ليكون ممن يحتاج أن يطلبه من الله . ومنها: أن يكون المراد بعدم الاحتياج حالة من قد بلغه إلى الله جميع الأماني» فلم يبق له أمنية ليحتاج إلى طلبها . ومنها: أن يكون ممن قد سقطت إرادته لرضاه بإرادة الله فيه . ومنها: أن يكون قد أشهده الله عينه الثابتة» فإن هذا لا يمكن منه الطلب بعد ذلك» لأنه عند رفع الغين عن العين لا يطلب أمراً هناك ؛ ليكون تحصيلاً للحاصل» ولا غيره ليروم المحال. 2

21

22 موازين القاصرين

أنفسهم بالصوفية”'2؛ ادّعوا الولاية الكبرى وهم أضل من الأنعام» كما سيتضح لكل ناظر في هذه الرسالة إن شاء الله تعالى. فصار كل من أذن له شيخه القاصر بأن يستفتح الذكر”” بجماعة؛ أو أذن له أن يلقّن الناس [أي يعلّمهم كيفيّة الذكر]

ومنها: ماعرفته في قولهم: (إذا د تم الفقر فهو الله؛» إذ كان الله غنيّاً عن العالمين» فكيف يصح أن ينسب الحاجة إليه .

(1) الصوفي: هو الذي يعمل على التحقّق بمقام الإحسان مقام عبادة الله تعالى على الشهود والعيان» بعد أن يتحقق بمقامي الإسلام والإيمان.

(2) الولاية الكبرى: يقول الشيخ أحمد الصاري في حاشيته على «الخريدة البهيّة؛: «مقام الصدّيقيّة: هو مقام الولاية الكبرى والخلافة العظمىء؛ وهذا المقام تترادف فيه الفتورحات» وتعظم التجليات» وتتم المشاهدات والكشوفات لكمال النفس وحسن صفائهاء ولا يمكن الوصول إليها إلا بعد الفناء: وهو زوال صفات النفس المذمومة بالكليّة؟ .

(3) الذكر: هم أعظم أركان الرياضة التي ستعرفهاء وأكبر 5ُربة تقرّب بها العبد من ربّه . قال الله تعالى : #ولذكر أله ك4 [العَدكبوت: الآية 45]. على العموم؛ هو ما يتقرّبٍ به عامة أهل الإيمان من ذكر الله تعالى؛ إما بكلمة الشهادة» وهي كلمة : لا إله إلا الله ؛ وإما غيرها من التسبيحات والأدعية والأذكار.

٠.‏ ذكر الخصوص: هو الذكر الذي يكون من تلقين الشيخ المرشد لذكر معينء» إما كلمة: لا إِلّه إلا الله أو غيرها . وذلك لإزالة قيد وحجاب معين مرشد إلى إزالته شيخ عارف بأدواء النفوس يكون تلقيئه لذلك الذكر أقوى أثرأ في إزالة ظلمة الحجب عندما تكون الملازمة لذلك عن حضور يدفع كل خاطر حتى خاطر الحق أيضاًء ويمنع كل تفرقة تخطر بالبال» ويجعل الهم همّاً واحداء بحيث لا يخطر بالبال غير المذكور متوجٌهاً إليه بتوججه ساذج عن العقائد المقيّدة» بل على اعتقاد ما يعلم الحق نفسه بنفسه في نفسهء ويعلم كل شيء: وعلى ما تعلم رسله وتفهمه عنه بحيث لا يدخل خلوة الذِكر إل وهو خال عن كل معتقد سوى الإيمان بما جاء من عند الله على مراد الله؛ وبما أخبر به رسول الله مَلِقِ على مراد رسول الله عن .

ه الذكر الظاهر: يعني به ذكر اللسان الذي بمداومته يحصل الخلاص من الغفلة والنسيان .

٠‏ الذكر الخفي: هو الذكر بالجنان مع سكوت اللسان.

» ذكر السرّ: هو ما يتجلى له من الواردات.

« الذكر الشامل: يعني به استعمال الظاهر والباطن فيما يقرب من الله تعالى» بيحيث يكون اللسان مشغولاً بالذِكر والجوارح والطاعات» والقلب بالوارات. -

موازين القاصرين 23 وم يأذن له بالمشيخة والإرشاد» وسمع في خلوته هاتفا من جني أو شيطان يظن نه ولي الله تعالى» فيجمع له جماعة من العوام من أهل الصنايع وغيرهم» فتارة يجنس في بلدة» وتارة يطوف البلاد ويكلف العباد في هذه الأيام النكدة والنكرة رلكدرة على الخاص والعام. ومع هذا يدعي أنه قائم في الخلقى مقام

- ه الذكر الأكبر: يعني به ما وقعت الإشارة إليه بقوله تعالى : ودر أَشَّهِ كد 4 [العتكبوت : الآية 45]. والمراد به: كمال المعرفة والطاعة.

قال يِل : «أنا أهُرَفكُم بالله. وأتقاكم له».

ال جيه 0 هر ل 21 لو لور

ه الذكر الأرفع : هو الذكر الأكبر لأنه أرفع الأذكارء كما عرفت» ويسمى: الذكر المرفوع» أيضاً.

وإليه الإشارة بقوله تعالى : موَركَعَا لكَ وَكرَكَ 469 [الشرح : الآية 4]: فإنه تعالى رفعه بذكره وطاعته له إلى مرتبة في الذّكر لا يعلوها غيره من الخلائق

« الذكر المرفوع: هو الأرفعء كما عرفتء وقد يعني بالذكر المرفوع ذكر الحق لعبده جزاء له على ذكره لربهء كما جاء في الكلمات القدسيّة إنه تعالى يقول: «مُن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم؟.

وعلى هذا حملوا معنى قوله تعالى: رَرَقَْا لك وَوْكَ 469 [الشرح : الآية 4]: وذلك من باب الإشارة» لا من طريق التفسير.

ل إناليائرة ابعال : 9# ولذكر أله أنه أَكَبدٌ4 [العنكبوت: الآية 45] إشارة إلى رفع 00 كيد بمعنييه أعني بمعنى إضافة الذكر إلى العبدء وبمعنى إضافته إلى الربٌ تعالى ‏

يل ذكر الله ذكراً عن حضورء وعرفان». وإخلاص» ومراقبة.

لايصح لأحد من العبيد أن يذكر الله بمثل ذلك الذكرء فذكر الله نبيه يفِ ذكراً لم يذكر

3 من العبيد بمثل ذلك الذكر فضلاً عن أن يذكر أحداً بما هو أرفع منه.

ل: الذكر المرفوع: ذكر من قُني عن -خلقيته وبقي بحقيقته» بحيث صار لسان حق

0 به.

ه الذكر الحقيقي: يعني به الذزكر المتصرت إلى الذاكر بالحقيقة» فلما كانت الأفعال كلها إنما هي منسوبة إلى الحق حقيقة لا إلى العبد؛ كذلك صار الذكر الحقيقي إنما هو الذكر المنسرت إلى الحق تعالى». لا إلى السيدة لآن الذكن المتسوب إلى :العبد ليس له هذه النسبة الحقيقية» فإن ذكر العبد ليس هو الذكر الحقيقي.

وقد عرفت أن الأمر كذلك في هذا المعنى وغيره من جميع ما يضاف إلى الحق

والخلق من باب التسمية الحقيقية والمجازية .

24 موارين القاصرين

نبيهم كلِا*". وكفى بذلك كفراً وجهلاً وسوء أدبء وأين المقام من المقام وأين الملائكة من الشياطين .

ولو كان من يدعي المشيخة من هؤلاء القاصرين يزن الخراج خمسة أضعافه. ويتكلف مثل ذلك على الكشاف والقصّاد ومشايخ العرب وقطاع الطريق» ثم بعد ذلك كله هاف زرعه وقمحه؛ ولم يجد شيئاً يأكله هو وعياله؛ ولم يجد له ملجأ يلجأ إليه. ولا قلباً يتكلم بحقيقة ولا شريعة ليسكت ولا يتكلم . ولكنه غره تهيئة الناس له ما يأكل وما يشرب هو وجماعته على السالم من غير غرامة. فكثر كلامه وصار يقول للخلق: لا بد لكل إنسان يريد الطريق إلى الله تعالى من أستاذ» فيأكل لحمهم وخبزهم بهذه المصيدة الخبيثة؛ ويجعل نفسه أستاذاً عارفاً بالله تعالى» وهو جاهل به؛ ومن هو جاهل كيف يدعو الخلق إلى من لا يعرفه؟ كما سيأتي إيضاحه.

ولعمري إن الفلاحين وأهل الصنايع أحسن حالاً وأقرب إلى الله تعالى من هؤلاء المدعين» لأنهم طول عمرهم في أعمال شاقة في نفع الخلق» وهؤلاء المدعون طول عمرهم ساعون في ضرر الخلق لأنهم يقصدون بخلوتهم ورياضتهم وذكرهم في بعض الأوقات التمويه على الخلق والتمهيد لطريقتهم التي يطلبون أن يكونوا داعين إليهاء فيجوع أحدهم جوعا مفرطأء حتى ينحرف مزاجه فيرى شموساً ونجوماً من شدة الجوع» فيظن أن ذلك من علامة الطريق» وأن من رأى ذلك صار سالكا إلى الله تعالى» وهذا كله خبط في ظلام.

وما أمر الخلق إلا بتعليم الآداب المتعلقة بمعاملة الله تعالى ومعاملة خلقه: لا بأن ينظروا جبالاً وأودية وشموساً وأقماراً متوهمة» يتخيلها المزاج عند

(1) يقصد أنه وارث محمدي لأن النبى يَكِهِ يقول : «العلماء وَرَنْةَ الأنبياء» . (جزء من حديث رواه أبو داود في السئنء أول كتاب العلمء حديث رقم (3641) [317/3] ورواه الترمذي في صحيحه؛ باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة» حديث رقم (2682) [5/ 48].

(2) الخراج: بفتح الخاءء جمع : أخرجة وأخراج: ما تأخذ الدولة من الضرائب على الأرض المفتوحة عنوة» أو الأرض التي صَالمَ أهلها عليها.

موازين القاصرين 25

أانحرافه. ولعمري إذا فرضنا أن أحدهم رأى من منتهى العرش إلى منتهى النجوم؛ وأحاط علماً بجميع ما بينهماء فليس ذلك مقرباً إلى الله تعالى» ولا يستحق على ذلك جزاءً من الجنة أو غيرها. فتأمل ذلك واعرف زمانك» واخف مكانك والزم شأنك. فمثال من يعمل شيخا في هذا الزمان» كمثل فقيه فتح لمكتب قبيل الغروب وقعد ينتظر الأطفال ليقرئهم ويعلمهم» وكل الأطفال نصرفوا من العصر. [صفات الشيخ المتصدر للإرشاد] ولعمري» من شرط الشيخ : أن يعطيه الله القوة فيدفع بها عن مريديه كل عارض» فإذا كان الشيخ نفسه لم يقدر أن يدفع عن نفسه عارضاء والبلاء نازل عليه كالمطرء فكيف يقدر أن يدفع عن تلميذه؟ فإن ادعى الشيخ المذكورء رقال: أنا عاجزء ولا أشهد نفسي إلا من العوام» قلنا له: فعلك يكذب دعواك, فهل رأيت فلاحاً أو صانعاً من العوام ادعى الولاية والمشيخة؛ وطاف البلاد ينادي على نفسه: هلموا إلى واتبعوني؟ فتأمل ذلك وقد أوضحنا حالهم ودعاويهم الباطلة في «رسالة الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية)”", فر جعها فإن أفعالهم تكذَّب دعاويهم في جميع ما يتقلبون فيه .

[الكامل فى رمن الشعرانى] ولعمري» الكامل في هذا الزمان من حضصّل وصف الإسلام فقط من غير ددةء فإن سلب الإيمان قد كثر فى هذا الزمان. فنسأل الله تعالى حسن العاقبة» وإن رتبة الإسلام عزيزة» فكيف برتبة إيمان» فكيف برتبة الولاية”” .

فرحم الله امرءاً عرف قدره وأراح الخلق منه ومن تلامذته من بعده. فإن

| مطبرع في الدار بتحقيق الأستا عله عيد الباقي مسرورء ومحمد عبد الشافعي. 2) التي هي رتبة مقام الإحسان؛ مقام: «أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه

35 ؛ وهو توحيد الشهود والعيان.

26 موازين القاصرين

الحية لا تلد إلا حيّة» وإثمهم في عنقه إلى يوم القيامة .

[بيان الإمام الشعراني للمقصود من الكتاب]

ولنشرع في بيان المقصود من الكتاب في ذكر رسالة جامعة لجميع موازين القاصرين فاضحة لهم عند الخلق كما عند الله تعالى بحسب ما يفتح الله علي به حال الكتابة .

وأرجو من الله الكريم أنَّ كل من نظر فيها بالأدب من مشايخ هذا الزمان» علم يقيناً أنه لم يشم رائحة الولاية فضلاً عن حصولهاء فيستريح من الدعاوي الكاذبة) لأنه يجد نفسه عارياً عن صفات الأولياء رضي الله عنهم .

رامائص اللمديرك ل عدا قور مح مشيئة الله تعالى : «أوّلَِك ألَنَ لَر يرد رد َه أن يُطْهَرَ لوبهم ْم في ألدّيا حرم ف وَلَهُمْ في الْآجْرَةِ عدا عَظِيهٌ صتَمُوت لِلَكَزْبٍ أَكَنُونَ لِلمّحْتٍ4 [المّائدة: الآيات 41 42]. وقد أفردت كل يا لأن كتابتها بحسب ما يمر على قلبى حال الكتابة من حضرات الأسماء»ء فربما جاءت قولتان وأكثر من حضرة 507 وربما جاءت كل قولة من حضرة اسمء والعارف يميز بينهماء فأقول: قال: كذاء إشارة إلى لسان حال ذلك الاسمء وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

[الشرط الأول الواجب توفره فيمن يتصدر للمشيخة]

اراد ع ل ا أن أقول: شرط من يتصذر للمشيخة وتربية

المريدين” : أن يعرف تلامذته من يوم فأَلسَتُ برَيَكُ 4 [الأعرّاف : الآية 172]»

(1) المريد: هو :طالب الوصول إلى معرفة الله تعالى فى تجلّياته الأفعالية والأسمائية والذاتية» أو نقول: هو السالك إحدى الطرق الصوفيّة : طرق التربية والسلوك إلى -

موازين القاصرين 27

القَدْمء كسيدي عيد القادر الجيلي ”9 وسيدي أحمد الرفاعي. وسيدي فض السعود الجار حى؛ وسيدي أحمد الزاهد. وسيدي داود بن الأعزب. وسيدي أيوب بن أبي بكر الشبلي» رضي الله عنهم أجمعين. فأين هؤلاء ممن لا يعرف تلميذه إلا إن سأله عن اسمه مرات» وأين الرطب المعمول من الجني؟ .

[شرط من يلقن الذكر” ويعمل مسلكاً]

معرفة ملك الملكوت وعلام الغيوب» طرق تزكية النفس والقلب من الرذائل وتحليتها

بالفضائل .

(1) نقول: الجيلي أو الجيلاني أو الكيلاني نسبة إلى مديئة (جيل) إحدى مدن إقليم طبرستان .

(2) الذكر:

ه في اللغة: ذَكَرَ الله: أثنى عليه. ذَكَرَ النعمة: شكرها. ذْكْرٌ

1 الصيت والشرف. 2 الصلاة. 3 القرآن. 4 الدعاء.

ه في القرآن الكريم: وردت مادة ك ر) في القرآن الكريم (274) مرة على اختلاف مشتقاتهاء منها قوله تعالى: #الدنَ سي ل 7 لد ألا بنصكر أنه طمن الْعَنُوبٌ 402 [الرّعد: الآية 28].

١ه‏ في الاصطلاح الصوني :

أولاً: بمعنى الرسول كَل :

قال الشيخ أحمد الرفاعي الكبير قدّس الله سرّه» في «البرهان المؤيد» : الذكر وَلِهِ: كونه شهد الأشياء بالنورء فنزل من فوق إلى أسفل» نزل إلى ما بالنور ظهر من الأشكال والصور, فاستحق أن يتقدم في التعليم والسر على أرباب الاستدلال ليوضح لهم ما خفي واستتر

ويقول: «الزكر كله هو جْنّةَ من كل نازلة سماوية وحادثة أرضية؟.

وقال الشيخ أبو عبد الله الجزولي: «الذكر عله : إن من رآه كيه أو سمع باسمه يَكِيِ أو أحواله؛ أو أخلاقه الحميدة: ذكر الله» وحمدهء وأثنى عليه بما هو أهلهء فكان وجوده سبباً في ذكر الله لأن ذاته توجب ذكر الله» وصفاته توجب توحيد الله؛ وأفعاله تدل على الله وأقواله تأمر بذكر الله. فكان يك ذكَر الله في كل أفعاله وأحواله ‏ -

28 موازين القاصرين

أنت ولى؟ فإن قلت: لاء قلنا: لا يجوز لك أن تتصدر للمشيخة . وإن قلت : أنا

-2 وصفاته ونومه ويقظته». [جواهر البحار في فضائل النبي المختار]. وقال الشيخ جلال الدين السيوطي في «الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة» : الذكر يلِةِ: سمي بهذا الاسم لأنه شريف في نفسه. مشرّف غيره» يجز عنه به فاجتمعت له وجوه الذكر الثلائة» وهو مأخوذ من قوله تعالى: #قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً». ثانياً: بالمعنى العام : قال الشيخ ذو النون المصري: يقول: «الذكر : غيبة الذاكر عن الذاكر». [الرسالة القشيرية]. وقال الشيخ أبو سعيد الخراز: يقول: «الذكر: هو اسم جامع لأعمال القلوب كلها من مقامات اليقين ومشاهدة العلوم من الغيب» . [قوت القلوب» للشيخ طالب المكي]. ويقول: «الذكر: هو الإيمان والعلم». وقال الشيخ سهل بن عبد الله التستري» حين سثئل : ما الذكر؟ فقال: «الذكر: الطاعة. قبل : وما الطاعة؟ قال: الإخلاص. قيل: ما الإخلاص؟ قال: المشاهدة. قيل: ما المشاهدة؟ قال: العبودية. قيل: ما العبودية؟ قال: الرضا. قيل: ما الرضا؟ قال: الافتقار. قيل: ما الافتقار؟ قال: التضرّع والالتجاءء سلم سلم إلى الممات». وقال الشيخ الجنيد البغدادي قذس الله سرّه: «الذكر: هو منشور الولاية» فمن أعطي المنشور فقد أعطى الولاية؛ ومن سُّلِبٍ المنشور فقد سُّلِبٍ الولاية». تعقيب: عقب الشيخ عبد الغني التابلسي على ذلك بقوله: #المنشور: هو المرسوم والحكم والبراءة» فالحكم السلطاني والبراءة يقال لها بين الناس: منشور» . قال الشيخ عبد الله الخراز الرازي: «الذكر: هو طعام العارفين» . وقال الشيخ فارس البغدادي: «الذكر: هو طرد الغفلة» وليس للمذكور من الذكر إلا حظ الذاكر منهء وكل لى من ذكره فبئفسه بدأء لأن ثمرته عائدة عليهء والحق وراء ذلك». وقال الشيخ محمد بن خفيف الشيرازي : «الذكر : هو إجابة الحق من حيث اللوازم؛. وقال الشيخ أبو نصر الجوهري: «الذكر : هو العروة الوثقى» والطريق الذي لا يضل من سلكهه. ولا يشقى. إذ لا يصل المحب الصادق إلا بملازمة ذكره» ولا يعتمد المريد السالك إلا على مداومة شكرهء وهو حصن الله الأعظم الذي من دخله كان آمناً من شياطين الإنس والجن؟. وقال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي: «قال بعضهم: الذكر: هو أن يشهد ذكر المذكور لك بدوام ذكرك لهء قال الله تعالى : تددن أَدَفركُ4 [البَقَرَة: الآية 152]. وقال الشيخ أحمد بن محمد بن مسكويه: «الذكر: هو ثبات صورة ما يخلصه العقل والوهم من الأمور». 5

موازين القاصرين 29

ولىّء قلنا: نسألك عن علوم الأولياء التي يتداولونها بينهم مما لا يسطر في كتاب» ولا طرق سمعك علم منهاء وهي كثيرة» وقد ذكرنا منها في كتابنا

- ويقول: «الذكر: هو وسط بين النسيان الذي يكون بإهمال ما ينبغى أن يحفظ»ء وبين العناية وبما لا ينبغي أن يحفظ؛ . 1 وفال الإمام القشيري: «الذكر: هو طريق الحق سبحانه؛ فما سلك المريدون طريقاً أصح وأوضح من طريق الذكرء وإن لم يكن فيه سوى قوله تعالى: «أنا جليس من ذكرنى» لكان ذلك كافياً؛ . ويقول: «الذكر: هو استغراق الذاكر في شهود المذكوره ثم استهلاكه في وجوه المذكور؛ حتى لا يبقى منك أثر يُذكرء فيقال: قد كان مرة فلان1. ويقول: «الذكر: هو نطق القلب بنعت الغيب. وهو: بيان الفوائد بصدق الاعتقاد. وهو: استهتار الأسرار باسم الجبّار. وهو: امتلاء القلب من المذكور واستيلاء الاسم على الضمير. وهو: اندراج الذاكر في مذكوره واصطلام السرائر عند ظهوره». وقال الشيخ عبد الله الهروي : «الذكر : هو التخلص من الغفلة والنسيان». وقال الشيخ محمد بن كاكيس : «الذكر: هو ما غيّبك عنك بوجودك؛» وأخذ منك بشهوده. والذكر هو شهود الحقيقة» وخمود اللخليقة»). وقال الإمام أبو حامد الغزالي : «الذكر: هو حقيقة نمو استيلاء المذكور على القلب» واتمحاء الذاكر وخفاؤه» . وقال الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدَّس الله سرّه: «الذكر: جلاء رمد العقول» وهو روح جنان الرحمة» تهب نسيمه على مشام أرواح الذاكرين» فتهتز من نشواته أعطاف الأرواح في أقفاص الأشباح». ويقول: «الأذكار: هى الحاملة للمحمولين» ومسكنة الساكنين» وجاذية إلى ما وراء سرادقات الجلال من مصون الأسماء وبديع الصفات». وقال الشيخ أحمد الرفاعي الكبير قدّس الله سرّه: «الذكر: حفظ القلب من الوسواس» وترك الميل إلى الناس» والتخلي عن كل قياس» وإدراك الوحدة بالكثرة» وحسن ملاحظة المعنى». وقال: «الذكر: هو ئور القلب». وقال الشيخ عبد الرحيم المغربي القنائي: «الذكر: هو اضمحلال الذاكر برؤية المذكورء حتى يبقى محقاً في عين المحوء وسكران في سرٌ الصحو». وقال الشيخ نجم الدين الكبرى : «الذكر: هو حق» وهو صفة حق» يفني الحظوظ ويبقي الحقوق» فلا مضادة بينهم». وقال الشيخ عمر السهروردي : «الذكر: جمعية أعمال القلب». وقال الشيخ الأكبر محبي الدين ابن عربي قدّس الله سرّه: «الذكر: هو من نعوت كونه متكلماء وهو نفس الرحمن الذي ظهرت فيه حقائق حروف الكائنات وكلمات الحضرة» . -

30 موازين القاصرين المسمى ب”تنبيه الأغبياء على قطرة من بحر علوم الأولياء» نحو عشرة آلاف علمء

وقال الشيخ نجم الدين داية الرازي: «الذكر: هو الخروج عن ذكر ما سوى ألله بالنسيان؟ .

وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي : «الذكر : هو ما اطمأن بمعناه القلب» وتجلّى في حقائق سحائب أنوار سمائه الرب».

ويقول: «الذكر: هو الانقطاع عن الذاكر لا المذكورء وعن كل شيء سوام .

«الذكر: هو الركن الأساسي في طريق القوم. وهو مؤسس على الإخلاص والتوبة والعبودية والاستقامة» ومثمر للورع والزهد والتوكل والرضا والمحبة».

وقال الشيخ أحمد عز الدين الصياد الرفاعي: «الذكر: هو شهود المذكور من حيث عظمته واضمحلالك بذكره؟.

وقال الإمام النووي : «الذكر: هو باب الله الأعظم المفتوح بيئه وبين عبده ما لم يقفله العبد بغفلته» .

وقال الشيخ عبد الحق بن سبعين: «الذكر : هو الدعاء إن لم يُقرن مع الطلب».

وقال: «الذكر: هو مشاهدة إذا كان من الضمير الأعلى» بمعنى : أنه يستجيب فيه المذكورء أي المدرك والمشعور به؛.

وقال الشيخ ابن عطاء الله السكندري : «قيل : الذكر: هو ترديد اسم المذكور بالقلب واللسان» وسواء في ذلك ذكر الله أو صفة من صفاته» أو حكم من أحكامه؛ أو فعل من أفعاله» أو استدلال على شيء من ذلك» أو دعاء؛ أو ذكر رسلهء أو أنبيائه؛ أو أوليائه؛ أو من انتسب إليهء أو تقرّبٍ إليه بوجه من الوجوه. أو سبب من الأسباب» أو فعل من الأفعال» بنحو: قراءة أو ذكرء أو شعرء أو غناء» أو محاضرة» أو حكاية». وقال الشيخ محمد بن وفا الشاذلي : «الذكر : هو استغراق النفس في الشغل بصيغ التسمية استغراقا يوجب نسيان كل شىء سواها» .

وقال الشيخ محمود الفركاوي القادري: «الذكر: هو نطق القلب بالمذكورء واللسان ترجمان القلب».

وقال الشيخ قطب الدين الأردويلي : «الذكر: هو الاستغراق بالمذكور» وذلك بأن لا يلتفت الذاكر إلى الذكر ولا إلى القلب» بل يستغرق بالمذكور جملته؛.

وقال الشيخ عبد الرحمن الصفوري الشاقعي: «الذكر : هو ترياق المذنبين» وأنس المنقطعين» وكنز المتوكلين» وغذاء الموقنين» وحلية الواصلين» ومبدأ العارفين» وبساط المقربين» وشراب المحبين»".

وقال الشيخ أحمد زروق: «الذكر: هو التعبّدء أو التوسّلء أو هو وسيلة لطلب خاصية الاسم؟.

وقال الشيخ علي الكيزواني : «الذكر: هو نفي وإثبات» وإثبات ولا نفي» ونفي ولا

إثبات . 1

موازين القاصرين 31

كل علم منها لا يدرك له قرار ولا يسطر في كتاب حتى يمكن التسلق على معرفتها. لو يسأل شيخ من مشايخ هذا الزمان عن علم منها لم يدر اسمه فضلاً عن

الخوض فيه. وقد أحببت أن أذكر لك طرفاً منهاء خوفاً أن تظن أنها أسماء على غير مسمى إذا لم تسمع أحداً من مشايخك القاصرين يتكلم على علم منها.

[علوم الأولياء

الواجب توفرها فيمن يتصدر لتربية المريدين]

فأقول: ما من ولي حق له قدم الولاية إلا ويعلم العلوم اللدنية كشفاً

- وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني: «الذكر: هو سيف المريدين» به يقاتلون أعداءهم من الجن والإنس» وبه يدفعون الآآفات التي تطرقهم؛ وقال الشيخ إسماعيل حقي البروسوي : «الذكر: هو طرد الغفلة؛ ولذا قالوا: ليس في الجنة ذكرء أي : لأنه لا غفلة فيهاء بل حال أهل الجنة الحضور الدائم» . وقال: «الذكر: نار لا تُبقي ولا تذرء فإذا دخل بيتاً يقول ره سراي معاني لا إله إلا الله» فإن :وجل فته تحظيا أحرقه» قصار ناراًء وإن كان فيه ظلمة كان نوراً فنوره. وإن كان فيه نور صار نوراً على نور . وقال الشيخ إسماعيل الولياني قدّس الله سرّه: «الذكر: هو جلاء القلوب». وقال الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي: «الذكر: هو نار ونورء فبئوره يسكن القلب؛» وبناره تحترق كثافة الوجود» فيزول منه التتشوئة الأصلية والببوسة الجبلية» فيخرج من آثار الصفات البشرية فيخفف عن الأثقال الترابية» فيعلق قلبه عن الأرض والملكوت إلى سماء الربوبية؟ . وقأل الشيخ أحمد بن عجيبة : «الذكر: وهو إذا أطلق ينصرف لذكر اللسان» وهو ركن قوي في طريق الوصولء وهو منشور الولاية. فمن ألهم الذكر فقد أعطي المنشورء ومن سُلِبٍ الذكر عزل». وقال الشيخ محمد مهدي الرواس : «الذكر: . . . هو الحبل الموصول لله» والطريق الدال على الله والسرٌ المأخوذ عن الله؛ والأمر النازل من الله والروح الطيبة السارية بمطأنينتها في قلوب الذاكرين» والبشرى القديمة الثابتة في ألواح أسرار المحبين». وقال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي : «الذكر: هو الخلاص من النسيان بدوام حضور القلب مع الحق». [الموسوعة الكسنزانية الصوفية»؛ مادة: الذكر].

32 موازين القاصرين وذوقاء لا نقلآً وفهماً. فمن علوم الأولياء :

العلم الأول: علوم الأوائل والأواخر.

الثاني : علم الأسماء الإلهية .

الثالث: علم الأسماء المركبة .

الرابع : علم عواقب الأمور.

الخامس : علم الملك..

السادس : علم الملكوت.

السابع : علم الزمان.

الثامن: علم أسباب الطرد في المطرودين» وأسباب السعادة في المقربين التي لا يشوبها شقاء .

التاسع : علم ما يُمحى كل وقت في لوح كل إنسان» وما يثبت.

العاشر: علم ما يشترك فيه الحق والخلق؛ وما يختص به كل واحد

منهما .

الحادي عشر: علم الحضرة التي تقلّب الحقائق ولا تقلّب نفسهاء وهي من جملة الحقائق .

الثاني عشر: علم تصور أعمال العباد إلى صور كلاب وخنازير وغيرهاء وهو علم واسع.

الثالث عشر: علم المواثيق والعهود.

الرابع عشر: علم مراتب الأرواح الملكية في عبادتهم . الخامس عشر : علم الغيوب التي تعلم والتي لا تعلم. السادس عشر : علم إيضاح المبهمات» وعلم الليل والنهار. السابع عشر: علم الفصل بين القبضتين .

موازين القاصرين 33

الثامن عشر: علم الجهات والإحاطة.

التاسع عشر: علم المعاملة بين الخلق على اختلاف أصنافهم بما يسرهم لا بما يسوؤهمء وهو علم غزير دقيق.

العشرون: علم الملائكة بالله الذي لا يعلمه بشرء حتى يتجرد عن بشريته ؛ ويتجرد عن حكم طبيعتهء ولا يدرك إلا ذوقا.

الحادي والعشرون: علم آداب الدخول على الله .

الثاني والعشرون: علم صفات من يدعي أنه جليس الله .

الثالث والعشرون: علم الأسباب التي تمنع من قبول العمل الخالص» حتى لا يعمل العامل في غير معمل .

الرابع والعشرون: علم مقادير الحركات الزمانية .

الخامس والعشرون: علم المكر الخفي وتعجيل الجزاء عليه.

السادس والعشرون: علم الدار الآخرة وما هي» وما نتيجتها هناك.

السابع والعشرون: علم موازين الرجال». فمنهم رجل ونصف رجل» وربع رجل» وهكذا.

الثامن والعشرون: علم الأسباب» فيعرف الولي جميع الحيوانات برأ وبحراء وأسماءهاء وأعمارهاء وتعرفه هي كذلك. فما بالك بمن لا يعرف حماره الذي يركبه كل يوم ولا يعرفه هو.

التاسع والعشرون: علم ظهور الباطل في صورة الحق.

الثلاثون: علم الستر والتجلي.

الحادي والثلاثون: علم مراتب المتصرفين إلى يوم القيامة .

وفي هذا القدر كفاية» ومن أراد زيادة على ذلك فلينظر في كتابنا المقدم ذكره» والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .

34 موازين القاصرين

[شرط من يلقن المريدين الذكر] لا يجوز للشيخ أن يلقن أحداً من الخلق إلا أن يكون يعرف موارد حركاتهم ومصادرهاء ويعرف الأنفاس والنظرة ومآلهماء ويعرف بالشم أهل الطريق الذين يصلحون من الذين لا يصلحونء ويعرف ما قسم لتلميذه من الأعمكال حتى يأمره بها على وفق القسمة السابقة» لأن من لم يعرف ذلك يأمر الخلق بأن يفعلوا ما لم يقسم لهم فلا يستطيعون» فشرطه أن يشاهد تصاريف الأقلا في الخلق فيأمرهم بفعل ما أراده الله في كل وقت . هذا ما أجمع عليه الأولياء. فمّن لم يصل إلى ذلك فليدخل في أغمار”" الناس ولا يتصدر لشىء من صفات الأولياء فيهلك نفسه ومن يتبعه» وقد كثر فى هذا الزمان الخبيث اندر لباب السلوك من القاصرين لقلة من يناقشهم. لأن الأولياء كلهم استتروا لعظيم ما يشاهدون من البلاء» ولو عرفوا أن هؤلاء المدعين لهم قدم في الولاية معهم» مقتوهم ومزقوهم لكنهم يعلمون أنهم ليسوا منهم. لأنهم يتخبطون في ظلام.

[شرط مجمع عليه عند أهل الله تعالى]

وقد أجمع أهل الله تعالى أنه لا يجوز لولي أن يتصدر أو يتظاهر بالولاية في وقت من الأوقات. حتى يجتمع بالأولياء أصحاب الدائ ئرة”” ويبايعونه في

010( العَّمْرُ رُ: الماء الكثير وقد عْمَّره الماء يَْمَرُه أي : : علاهة. ومنه قيل للرجل : : غْمَره القوم إذا علوه شرفاً. .. والغّمْرة: الزحمة من الناس والماء» والجمع : غمار. ودخلت في غمار الناس. أي: في زحمتهم وكثرتهم. ورجل عُمْر: لم يجرب الأمورهء بِيّن الغمارة من قوم اغمار. والأنثى : غمرة. (الصحاح في اللغة. للجوهري).

(2) هالدائرة: في اللغة: 1 اللّقة. 2 ما أحاط بالشيء.

في القرآن الكريم : اوردك د لفظة فى القرات العزيع رارع فكوا 0 ص لْثَرَاِ من يَنَّْد ما بسن ممرما ويتريض يد الدوابر عليه دير السو وله علي 4 [التْوبّة: الآية 98]. ِ-

موازين القاصرين 35

اليقظة» ويدطلون تحت طاعته» كما وقع لسيدي عبد القادر الجيلي وغيره؛

-- : في الاصطلاخ الضوفي :

ا ا «الدائ ثرة: هي طريق السير ذ في الوجود في معرفة النفس».

وقال الشيخ أحمد السرهندي : «الداك 5: هي عبارة عن المقام والمرتبة . وقد عبرو! عن

مراتب السلوك بالدوائرء لظهورها في عالم المثال على شكل الدوائر لما بينهما من

المناسية» وهى : أن الدوائر لا جهة لها ولا نظائر: كما أن تلك المراتب لا جهة لها

ولا نظائر). ١‏

قال الدكتور عبد المنعم الحفني: «الدائرة: هي صورة الكثيب الذي يجتمع الناس عليه

لرؤية الحق» وهو في جنة عدن».

ه مخمّس الدائرة:

في اللغة:

«مَحََمُسٌ : شكل يحيط به خمسة أضلاع متساوية».

في القرآن الكريم :

يرد العدد (خمسة) ومشتقاته في القرآن الكربم مرات بصيغ مختلفة» منها قوله تعالى :

ما يُحَكوربٌ من جو تَلَكَة إلا هْرَ رَابِمْهُمْ ولا حْسَةٍ إِلّا هْرَ ساد شبْ# [المجادلة: الآية

.7

في الاصطلاح الصوفي:

قال الشيخ داود خليل : «مخمس الدائرة: هو أن يحصل له الدائرة الخامسة؛ أعني:

دائرة التوحيد الذاتي العياني الذي هو نهاية التوحيد العياني» .

دائرة الإمكان :

تناكت اعية العف ين : #دائرة الإمكان: هي أول ما يكشف للالك» وهي تنقسم إلى نصفين : أعلى وأسفل 56 : ما فوق العرش» ويقال له: عالم الأمر.

والأسلل : من العرش إلى تحت الثرى» ويقال له: عالم الخلق.

قال الشيخ أبو سعيد المجددي: «دائرة الإمكان: هي المتضمنة لهذين العالمين: الخلق

والأمرا.

مسألة: فى أحوال دائرة الإمكان:

قال الشيخ أبو سعيد المجددي: «من أحوال دائرة الإمكان: الجذب» والحضورء

والجمعية» والواردات» والكشف الكوني» وكشف الأرواح » وكشف عالم المثال؟.

ه دائرة الحب الصرف والتوججه:

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي : "دائرة الحب الصرف والتوجّه. . . وهي ها

هنا كمال العلو واللالونية» ونسبة الباطن» فإن هذه المرتبة أقرب إلى حضرة الإطلاق -

36

موازين القاصرين

رضى الله عنهم . فما بالك بمن لا يعرفه أحد من الأولياء» ولم يعدوه منهم» ولم يبايعه أحدء ولا قال له ولي واحد في اليقظة: اعمل شيخاًء بل استند إلى منام

واللاتعيين) .

ه دائرة المحبة الممتزجة بالمحبوبية :

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النشقبندي : «دائرة المحبة الممتزجة بالمحبوبية. . .

هي حقيقة الحقائق التي هي عبارة عن الحقيقة المحمدية يليا .

ه دائرة المحبوبية الصرف:

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي : ادائرة المحبوبية الصرف: هي الحقيقة

المحمدية يكيو وها هنا يظهر علو النسبة مع شعشعات الأنوار» ويبدو في البين

أسرار. وفي هذا المقام تتكشف المحبوبية الذاتية كم كان في الخلة انتكشاف المحبوبية

الصفاتية . ومعنى المحبوبية الذاتية : أن في ذات المحبوب مع قطع النظر عن صفاته

الجميلة التي هي عبارة عن مثل الخط والخال؛ وهما من موجبات المحبة؛ ويكون

الشيء موجبا للتعشق».

ه دائرة الحقيقة :

قال الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدّس الله سرّه: «دائرة الحقيقة: هي التي لا

مدخل للشيطان فيها ولا للنفس ولا للملائكة؛ لأن غير الله تعالى يحترق فيهاء كما

قال جبرائيل عليه السلام: ١لو‏ دنوت أنملة لاحترقت».

ه دائرة الحقيقة الإبراهيمية :

قال الشيخ محمد أسعد الخالدي : «دائرة الحقيقة الإبراهيمية: وهي الخلة».

ه دائرة الحقيقة الأحمدية:

قال الشيخ محمد أسعد الخالدي : «دائرة الحقيقة الأحمدية يَكِِِ: وهي دائرة اللاتعين". ودائرة حقيقة الحقائق :

قال الشيخ محمد أسعد الخالدي: «دائرة حقيقة الحقائق: وهي الحقيقة

المحمدية علدا .

ه دائرة حقيقة الصلاة:

قال الشيخ أحمد السرهندي : «دائرة حقيقة الصلاة: هي عبارة عن كمال الوسعة

اللامثلية لحضرة الذات تعالى وتقدّس؛ والسالك المتحقق بهذه الحقيقة المقدسة إذا

صلى. يخرج حين صلاته من هذه الدار الفانية» ويدخل إلى الدار الباقية» ويتجلى له

على وجه الكمال بلا اشتباه حقيقة أن تعبد الله كأنك تراه؟ .

قال الشيخ محمد أسعد الخالدي: «دائرة حقيقة الصلاة: بأن يلاحظ ورود الفيض من -

رآه أو أذن له فقيه من مشايخ هذا الزمان» الذين لا قدم لهم في الطريق.

- كمال الوسعة اللامثلية للذات الإلهية التي هي منشأ حقيقة الصلاة2. ٠‏ دائرة حقيقة القرآن: قال الشيخ أحمد السرهندي : "دائرة حقيقة القرآن: هي عبارة عن مبدأ الوسعة اللامثلية لحضرة الذات تعالى وتقدس. اوها هنا نظون هر طن كلام اناتعالي: ويكون كل حرف من كلامه تعالى بحراً موصلا إلى الكعبة المقصودء ويكون لسان التالي عند التلاوة كالشجرة الموسوية؛ ويكون مجموع قالبه لساناً يتلو به القرآن. وقال الشيخ محمد أسعد الخالدي : «دائرة حقيقة القرآن: وفيها مراقبته بملاحظة الوسعة اللامثلية الإلهية التي هي منشأ حقيقة القرآن؟. دائرة حقيقة الكعبة الربانئة : قال ل الشيخ أحمد السرهندي: ادائرة حقيقة الكعبة الربانيّة : : هي عبارة عن ظهور سرادقات العظمة والكبرياء الثابة بتين للذات الإلهية جلَّ سلطانها وعم م إحسانها. والحراقة نهنا التوجه إلى حقينة الذاتة كالاجفلة متصردتها للكاتناش» بأنار ودر ورود الفيض من الذات البحت التي هي مسجودة للممكنات كلها ومنشأ لحقيقة الكعبة . وها هنا تشاهد عظمة الحق وكبريائه سبحانه» وتغلب على باطن السالك هيبة عظيمة. وإذا تحقق السالك بالفناء والبقاء فى هذه المرتية المقدّسة. وجد ذاته متصفاً بهذا الشأن وشاهد توجّه الممكنات إلى جانبه بالعيان» . ه دائرة السيف القاطع : قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي: «دائرة السيف القاطع : وهي الدائرة التي وقعت حذاء دائرة الولاية الكبرى» ووجه تسميتها بهذا الاسم: أن السالك إذا وضع قدمه فى هذه» فإنها تقطع وجوده مثل السيف القاطعء وتعدمه ولا 5 تترك منه اسماً ولا أثرأء ولهذا سموا بها». ا دائرة تنطبق عليهاء ولك الدثة في حدها وشت تلام ٠‏ الدائرة الصغرى: قال الشيخ عبد الله الميرغني : «الدائرة الصغرى : هي دائرة الوجود المجازي» التى هي عالم الخلق والأمر؛. « الدائرة الوسطى : قال الشيخ عبد الله الميرغني : «الدائرة الوسطى : هي دائرة العدم». -

38

موازين القاصرين

ه الدائرة الكبرى :

قال الشيخ عبد الله الميرغني : «الدائرة الكبرى: هي دائرة القدم؟.

ه دائرة ظلال الأسماء والصفات:

قال الشيخ أحمد السرهندي: «دائرة ظلال الأسماء والصفات: وهي دائرة ولاية الأولياء. وهذه الدائرة مقام: القطب» والغوثء والأفراد» والأوتاد. وسائر فرق الأولياء من أهل المناصب بالأصالة».

ه دائرة العبودية الصرفة :

قال الشيخ محمد أسعد الخالدي: «دائرة العبودية الصرفة : وفيها مرتبتها التي هي أصل الكل وملاذ الجميع».

ه دائرة المعبودية الصرفة:

قال الشيخ أحمد السرهندي : "دائرة المعبودية الصرفة : هي أصل الكل وملاذ الجميع؛ وفيها يقصر الوسعة والامتياز أيضاً ولا مجال للسير القدمي هناء بل للسير النظري» ولعل : قف يا محمد يَكةِ ولا ترفع القدم من مكانك» فإن فوقه حقيقة الصلاة الصادرة من مرتبة الوجوبء وأنها مرتبة تجدد الذات العليا وتقدسهاء ؛ فليس للقدم ثمة إمكان اتساع وجولان . وفي هذه المرتبة الرفيعة ينجلي حقيقة الكلمة الطيبة ١لا‏ إِلَه إلا اللهك فتنتفى العيادة عن الألهة ة التى لا تستحقهاء وتثبت للمعبود الحقيقى الذي لا يستحق العبادة أحد سواه» وفيها يظهر كمال الامتياز المقصود بين ما للعابد وبين ما للمعبود. قمر ها يسام رمحي الكليةاالطيية بالحسبة إلى المنويج لا هيوه إلا اله. :وبي الميتدئين لا موجود إلا الله وإلى المتوسطين ولا مقصود إلا الله».

ه دائرة الفطرة القدسيّة :

قال الشيخ أبو العباس التجاني : ادائرة الفطرة القدسيّة : هي دائرة الأرواح حيث خلقت أولأء ونقطتها هي الحقيقة المحمدية يك والفطرة هي نشأة الأشياء بعد أن لم تكن» والفطرة القدسية هي كونها وجدت على نسبة حضرة القدس في غاية الصفاء والشرف. فلا تعرف إلا الله» ولا تحب إلا الله؛ ولا تبالي بغيره» ولا تعظّم إلا الله تعالى» فيلذ! هو القدس الذي نسبت إليه؛ .

ه دائرة القيوميّة :

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي: «دائ ئرة القيوميّة: وهي ناشئة من دائرة كمالات أولي العزم؛ وسر ذلك : أن القيوميّة منصب الأنبياء» من أولي العزم. . فكل أحن تعلى :نيذه المقيكة الألهنة بهذا الختطس يخضوته نه قاو عا حا له اورجه فظهر في البيت أحوال وأسرار لا يستقيم بيانها باللسان» والتشرّف بفيض خاص من -

موازين القاصرين 39 لك: ابرز للخلق» فإن في ذلك هلاكك. ولا ينبئك مثل خبير.

وقال رحمه الله تعالى: من عرف من أين جلهء عرف إلى أين يصير»ء وهناك أسرار لا تفشىء فاعلم ذلك؛ فإذا لم يعلم الشيخ ذلك فكيف يُسلّك ويتشبه بالأولياء الذين يعرفون ذلك والأدب خير كثيرء والسلام.

[مناقشة الشبخ الشعراني لمدعي الولاية من المشايخ القاصرين] وقال رحمه الله: لو سثئل القاصرون من مشايخ هذا الزمان عن حقيقة ما يدعون الخلق إليه ما عرفوا. فكيف يدعون إلى من لا يعرفون؟ فإن قالوا: دعونا

- هذه الدائرة العالية الشأن» الذي قصر عن كيفية الأذهان». ٠‏ دائرة كماللات أولي العزم : قال الشيخ أحمد السرهندي : «دائرة كمالات أولي العزم : هي مراقبة الذات البحت» والتوجّه إليه من حيث أنه منشأ كمالات أولي العزم». ه دائرة كمالات الرسالة: قال الشيخ أحمد السرهندي: "دائرة كمالات الرسالة: هي مراقبة الذات البحت» والتوجه إليه من حيث أنه منشأ كمالات الرسالة». دائرة كمالات النبوّة: قال الشيخ أحمد السرهندي : «دائرة كمالات النبوّة: هي دائرة أنوار التجليات الفائضة على باطن العارف بواسطة متابعة النبي ليده وفيها مراقبة الذات البحت» والتوجه إليه من حيث إنه منشأ كمالات النبوّة!. ه دائرة اللاتعين : قال الشيخ أحمد السرهندي : «دائرة اللاتعين: وإطلاق حضرة الذات تعالى وتقدّس: وهي الدائرة التي ليس للقدم فيها مجال» وأما النظر فلا بد منه فيهاء وهذا المقام أيضاً خاص بسيد الكائنات كلل . » دائرة الموسوية : قال الشيخ محمد أسعد الخالدي : «دائرة الحقيقة الموسويّة : وهي المحبيّة الصرفة». ٠‏ دائرة النفوس : قال الغرث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدّس الله سره: «بيان دائرة النفوس ووارداتها -

0 موازين القاصرين

الخلق إلى طريق القرب من الله تعالى. قال لهم الحق تبارك وتعالى: #إن

سير سيره لله سيره إلى سيره سيره مع سيره في :سيره عن 'سيره بالله فناء في االمقامات الله عل الله اش ٠”‏ اد أل ال بتقماء

شرم مالم عات مانم مالع عنم عانم طوف عدم

المقامات :ناسوت ملكوت جبروت لاهوت العما ‏ أرواح استغراق جذب

الذكر العيود إالعقل القلب اد الس السرٌ الخفاء 2 الأخفى

حالات لطمنالتة حالة إحالة احالة كال حالة أحالة ا |المقاماتٍ .الرياضة _ اتمييز ل أمحبة عشىق | وصلة _ غنى جذب تصرّف

واردات 5 0 إقاية 5 ياي قاد ل واد :المعرفة بالتجذب باللوين _ ْ

م د كاد بلوره اتجونة لوره الوره تحتو توره لين لله المقانات أزدق_ 2 أخضر أييض اصع أأسود أوددي نور

أسماء:وكاب- فاح . زاحد, آحل ‏ .صمد .علي" عظيم ‏ الاستم الفروع _ : 5 ش الأعظم

5 دائرة الولاية‎ ٠

قال الشيخ أحمد السرهندي : «دائرة الولاية الصغرى: هي دائرة ولاية الأولياء» ويقال لها: دائرة ظلال الأسماء والصفات؛ وهذه الدائرة مقام: القطب» والغوث» والأفراد» والأوتادء وسائر فرق الأولياء من أهل المناصب بالأصالة».

قال ؛ الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي : «دائرة الولاية الصغرى: وهو شهود توحيد الأفعال. فلا يرى فاعلاً بحال إلا الخلاق الفعّال وبهذا الشهود يخلص , من ورطة الشرك الخفي» ويدخل ميادين الاصطفاء؛ . ٍِ

موازين القاصر بن 41

عتقدتم القرب مني فقد حددتموني وأنا لا أحدد». وإن قالوا: دعوناهم إلى طريق سعادتهم لنقربهم منها. قال لهم الحق عر وجل: «سعادة الخلق لم تزل قائمة بهم» وما برحت معهم في حال طلبتكم القربة إليهم. فإن لم تعلموا ذلك» نقد جهلتم؛ والجاهل لا ينبغي أن يتصدر لباب الدعوة. وإن علمتم ذلك فما صدقتم» وأي فائدة لدعوتكم؟». وإن قلتم: إنما طلبنا بالدعوة تقريب الخلق إلى معرفة ذواتهم. قال لكم الحق: «الشيء لا يجهل نفسهء وطلب القربة ممن يعرف لا يصح». وإن قلتم: طلبنا بذلك القرب إلى معرفتك. قال لكم الحق: كيف تعرفون من ليس كمثله شيء؟». فاعلم ذلك» واحذر أن تعمل شيخا في هذا الزمان بالدعوى؛ فإن لكل مدع ممتحناً في الدنيا والآخرة؛ وقد أوضحنا

ذنث في «لواقح الأنوار»” فراجعهء والله يتولى هداك.

[صفات الجهلة ممن يدعى المشيخة والإرشاد] قال رضي الله عنه: من لازم من يجعل نفسه شيخاً على أحد من الخلق

- هودائرة الولاية الوسطى :

قال الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي : «دائرة الولاية الوسطى : وهي الدائرة التي يتحقق فيها السالك بفناء الرسم والاسم الفناء التام؛ ويرى غيب محو الأفعال وزوال الاسم والرسم» وحدة الفاعل» والمسمى» فيغيب به عنه حتما وربما لم يطى كتما». ه دائرة الولاية الكبرى: قال الشيخ أحمد السرهندي: «دائرة الولاية الكبرى: هي دائرة ولاية الأنبياء العظام عليهم السلام». قال الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي : «دائرة الولاية الكبرى: وهي التي يلوح بلوح ه دائرة الولاية العليا: قال الشيخ فكمل أشعد الخالدي : «دائرة الولاية العليا: وهي دائرة الملائكة الكرامء وفيها مراقبات اسم الباطن1. [الموسوعة الكسنزانيّة الصوفيّة].

كتاب لواقح الأنوار القدسيّة في بيان العهود المحمديّة؛ مطبوع في الدار بتحقيق الأستاذ

محمد عيد السلام .

42 موازين القاصرينٍ

استحسان حاله وازدراء إخوانه ومنازعة الله في أوصاف الكمالء لأنه لو رأى إخوانه أحسن حالاً منه أو مثلهء لما كان يمكنه أن يطلب منهم أن يتتلمذوا له فلا بد له من تحقيرهم وازدرائهم» وكفى بذلك جهلا وضلالا. ولكن لما صارت ولاة الزمان ولاة بالقهر والغلبة» كذلك فقراء الزمان صاروا فقراء بالنظام والهيئة» وكثر اتباع العمي» وذلك كله لمناسبة الزمان بعضه ببعضء. فكل من جمع له جماعة في زاوية» وجعل له سماطاً مما يشحته؛ صار شيخاً عند العامة» لأنه ليس الشيخ عندهم إلا من كان حوله جماعة؛ ومن لم يكن حوله جماعة» ولو كان من أكابر الأولياء. فليس عندهم بشيخ يُعبأ به.

فلما لحظ القاصرون هذا الملحظء لبسوا على الخلق العميء وادعوا الولاية الكبرى» وقالوا لهم: ما تأكلون وما تشربون» لعلمهم أنهم ليسوا مشايخ عند العامة إلا بهم» ولا يقدرون أن يصطادوا قمحأ ولا جبنا ولا عسلا ولا غير ذلك إلا بهم؛ فصارت المشيخة باب من الشحاتة. ولعمري لا يصلح أن يسمى شيخاً إلا الفلاحون وأهل الصنايع» لأنهم هم الذين يطعمون الشيخ.؛ تارة بكسبهم» وتارة بنصبهم» فالشيخ معدود عند الله من جملة عيالهم .

واعلم أنه على قدر جماعتك» على قدر منازعتك الله تعالى في الكمال واسترقاق الخلق لك» فمن رأى نفسه شيخاً على واحد من الخلق كائناً من كان» فقد شرع في دركات المنازعة والطردء ومن ارأئ نفسة على' اثنين: نزل ركنن وهكذا. فقد أوضحنا حال مشايخ هذا العصر في رسالة «الأنوار القدسية في آداب العبودية»» فراجعها تعرف أن مشايخ عصرك قد خرجوا عن السياج» وليس أحد منهم أهلاً لأن يقتدى به» ومن شك في ذلك فليعرض أوصاف القرآن ونعوته لأهله خاصة يعلم ذلك يقيئاً.

[نصيحة من الإمام الشعراني للمريدين]

فخير الناس من كان مقبلاً على حرفته» مؤدياً لفرضهء واعتزل هؤلاء المدعين » فإنهم لا يحبون إلا التلميذ الذي يطعهم ويبرهم»ء فلذلك يقدمونه على

موارين القاصرين 43

أقراته» لا سيمأ إن كان يصطاد لهم المريدين ويأتى بهم إليهم. فلذلك يمدحونه ويقولون للتلاميذ العمي الذين حولهم لأجل اللقمة: ما عرف طريقنا غير قاد« نيمدحون أنفسهم ويحثون القاصرين أن يسلكوا مسلك ذلك التلميذ» فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[سبب ترك العارفين فتح باب المشيخة والتسليك]

قال رضي الله عنه: سبب ترك العارفين فتح باب المشيخة والتسليك للخلق في هذا الزمان شهودهم كثرة البلاء النازل على الخلق في قلوبهم ونفوسهم, ليلاً ونهارأء وعلمهم بأن الأمر راجع إلى وراء» فلو أراد أحد منهم أن يتمشيخ على تسميذه لم يقدر أن يدفع عنه عارضاً من العوارض» وربما رجع العارض على نشيخ عقوبة له على سوء أدبه. هكذا شهود من هو في حضرة الملوك أوقات غضبهم. وقد اشتد الأمر ولا يزداد إلا شدة حتى تكمل الدورة وتقوم القيامة.

إذا علمت ذلك؛, علمت أن ترك العارفين فتح هذا الباب في هذا الزمان هو عين الأدب مع الله تعالى» فلا يفتحه الآن إلا من أعمى الله بصره وبصيرته من هؤلاء المدعين للمراتب والمتنازعين عليها.

وقد كلمت شخصاً من أكابرهم في قلة نفع إذن المشايخ لتلامذتهم بتلقين كر في هذا الزمانء وقلت له: هذا لا فائدة فيه لسوء الشهرة لك بالصلاح ولولاية» فإنك تلقن الألف لا ينتج منهم واحد كما هو مشاهدء فغاب عني وأثبت إذن شيخه له على يد قاض مالكي» ولعمري هذا لم يذق من الأمر شيئاً.

فإذا كان هذا حال أكابرهم فكيف بأصاغرهم؛ فتسأل الله اللطف والاعتماد عليهء وبتقدير ضمان شيخه له ذلك لا عبرة بهء إذ لا تقييد على الله فإنه فعال م يريد. فاعلم ذلك» ولا تغتر بكثرة المعتقدين من العوام والفقهاء الذين لا: يذوقون شيئاً من مذاق القوم؛ واحذر من قولهم: أحييت القلوب والطريق بعد سيدي الشيخ الكبيرء وتقول أنت في جواب ذلك: الوجود كامل» والخير باق إلى يوم القيامةء تقوية لكلام المعتقدين» فإن في ذلك هلاكك؛ وقد انطوت

44 موازين الفاصرين طريق الله وأهلها من أزمان متعددة.

ونحن الآن فى دهليز القيامة» وقد شاهدنا أولياء عصرنا لقنوا وأرشدوا إلى أن ماتوا ومع ادي دري بعدهم» منهم الشيخ الكبير محمد بن عنان» والشيخ محمد بن المنيرء والشيخ محمد العدل. والشيخ أبو بكر الحديدي» والشيخ أبو العباس الغمري» والشيخ نور الدين المرصفيء والشيخ تاج الدين الذاكرء والشيخ أبو السعود الجارحيء؛ والشيخ نور الدين الحسني» وشيخنا اذك بحمة ]ارح رفن الاعف ا دو

هؤلاء كلهم مشايخ لا يجيء مشايخ الآن أن يكونوا تلامذتهم» وقد درجوا ولم يكمل أحد من تلامذتهم ولا ذاق شيئاً؛ فكيف يريد شخص عامي في رتبة العوام لا قدم له في الولاية أن يسلّك بعدهم ويوصل إلى الله» ويدَّعي أنه حصل له أموزتوق بورجنيم؟ والأمر راجع القهقرى ولا يمكن عودهء وصارت الدنيا

كمقثأة بطيخ خربت» وأطلقت البهائم فيها. وبالجملة: فمن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور. زمن أوصاف أصحاب الدعاوي الباطلة]

قال رضي الله تعالى عنه: السالك مؤمن يزداد بسلوكه ذلا وانخفاضاًء فيدخل طريق القوم وهو منفوخ بالدعوة» فيمكث فيها مدة يسيرة فما يشعر إلا وقد انكشف حجاب دعواه وظهر له يقيناً أنه عبد ضعيف عاص لا يصلح أن يكون تلميذاًء وهذا الأمر خاص بطريقنا وطريق إخواننا كما أوضحنا ذلك في رسالة الأنوارء فمبتدأ طريقنا نهاية ما يتوصل إليه أصحاب الخلاوي والرياضة» وغالبهم يموت وهو منازع الله تعالى لا يصل إلى مبتدأ طريقناء فكيف بخواصهم؟ وآفة ذلك أنهم وضعوا لهم ولسلوكهم علامات خارجة عن طريق الله وعن مقصودهمء وطلبوا وقوعها لهم. فكلما وقع لهم بارقة قالوا: نحن في الترقي» وكلما شهدوا ترقيهم غلظ حجابهم» ولذلك يتصدرون للمشيخة إذا طال عليهم الأمد ولم يأذن لهم أحد في المشيخة. فلو كان الواحد منهم يرى نفسه آخر الأمر عامياً عاصياً كما كان في ابتداء أمره» ما تصدر للمشيخة قطء فحاله

موازين القاصرين 45

قبل سلوكه طريق هؤلاء أحسن حالاً من حاله بعد اجتماعه بهم. فأين من يشهد نفسه عاصياً مقصرأً ممن يشهد نفسه من الأولياء المقربين؟ فتأمل وكن ذنَباً ولا تكن رأساء فإن الضربة أوّل ما تقع في الرأسء والله يتولى هداك. [نصائح الشيخ للمدعين]

قال رضى الله تعالى عنه: احذر من دعواك طريق الفقراء» وأنت تجد فى نفسك كراهية لمن لا يعظمك ولا يناديك بألفاظ السيادة والمشيخة والصلاح»ء بل والإسلام. فإن المسلم الكامل في هذا الزمان أعز من الكبريت الأحمرء ولا يكون المسلم كاملاً حتى يسلم لسانه وسمعه وبصره وفرجه ويده وقلبه مما حرّم الله تعالى ظاهراً وباطناً. وأين المدعون لهذه الرتبة» ولا جارحة لهم إلا وقد عصت الله مراراً؟ فتأمل ذلك.

فإذا كان هذا في رتبة الإسلام» فكيف تسلم لهم رتبة الإيمان فضلاً عن رتبة الإحسان ودعوى الولاية؟ وكيف يليق بمن لم تحصل له رتبة الإسلام أن يكون داعياً إلى الله تعالى» محباً لأن ينازعه في الكمال والاسم.

فإن الولى اسم من أسماء الله تعالى» ولعمري إبليس أكثر تواضعاً من هؤلاء المدعين» وأعرف بطريق الله منهم. فإني اجتمعت به وقال لي: كيف تزعمون ا رياء نه اتدالى ور ان كرب لك يلحال بكا يكن وتحبون أن يعظمكم الخلق ويمجدوكمء والله إني لأكره أن يعظّمني الخلق في تمن الأموره امطسير ل نوا اوقد لح ل السك لنقائص والعيوب التي في الوجود»ء وأن يحقروني إلى الطرف الأقصى» ليتميز نحق بالكمال المطلق» وأتميز أنا بالتقص المطلق؛ لأن تنقيصهم لي رد لي إلى أساسي.» وتعظيمهم لي خروج عنه إلى صفات سيدي. انتهى كلام إبليس.

فتأمل أدبه. فأين أنت منه؟ وأنت تكاد أن تضيق عليك الأرض بما رحبت إن لم يعظمك الناس ولم يعتقدوك. فاعلم ذلك» ولا تغش نفسك» فإن لإنسان على نفسه بصيرء والله يتولى هداك.

[نصيحة للمريد]

قال رضي الله تعالى عنه: كن مع إخوانك كما هم في جميع أحوالهم. ولا

46 مو أزين القاصر ين

تتميز عنهم بشيء إلا أن تكون مغلوباً عليه. فإذا فرحوا فافرح» وإذا تكلموا تكلمء وإذا سكتوا اسكت. وهذا من أخلاق رسول الله يك فاعلم ذلك والزم الأدب؛ واخرق نظام مشيختك على الخلق. واحذر من ملازمتك لحال من الأحوال لا تتعداه في ملبسك أو مأكلك أو نومك أو عزلتك أو خلطتك أو غير ذلك من الأمور التي فشت في فقراء هذا الزمان» فصاروا دأبهم العبوسة وإطراق الرأس» ووضعها في الطوق والاحتجاب عن الخلق في أوقات ضبطوها لأنفسهم لا يكلمون أحداً فيها. وكل من جاء لحاجة يقول النقيب: سيدي الشيخ ما يخرج في هذا الوقت» أو ما يقدر أحد أن يكلمه.

وليت شعري» هو فقير أم أمير؟ فإن قال: فقير. قلنا له: أجمع أهل الله تعالى أله “لذ يجوز لققين:آن يحب بل غلبا طلت وجداه :وق قال أنا أعيو: قلنا له: ما رأينا أميراً قط اذَّعى الولاية وطاف البلاد يأكل خبز أهلها وينكر عليهم. وقد أوضحنا أحوال هذه الطائفة في كتاب «الميزان»”" وهو كتاب لا يستغني فقير عنه» والله أعلم .

[نصيحة سلوكية]

قال رضي الله تعالى عنه: من رأى أحواله مستقيمة رأى أحوال إخوانه معوجة» ومن رأى أحواله معوجة رأى أحوال غيره مستقيمة». فمن رأى أحواله معوجة تتلمذ كل الخلق» وجعل نفسه تابعاً لا متبوعأء ومن رأى أحواله مستقيمة تمشيخ على الخلق». وجعل نفسه متبوعاً لا تابعاً. فاعلم ذلك» واجعل عوجك مشهوداً لك على الدوام» تعش سالماً ويحصل لك المدد والخير. وهذه طريقنا على الدوام إن شاء الله تعالى. واعلم أن أعلى درجات الاستقامة شهود العبد العرج في نفسهء وأعلى درجات الاعوجاج شهوهه الاستقامة في نفسهء فتأمل ذلك فإنه نفيس» والله أعلم .

أدلة المذاهب وأبان مقاصد الشريعة فيها من حيث الحكم الظاهر والحكمة الروحية

موازين القاصرين 4

[من صفات المؤمن] قال رضى الله تعالى عنه : المؤمن هو الذي صار الغيب عندة كالشهادة فى عدم الشك. وسرى الأمان منه في العالم كله فأمنوه على أنفسهم وأموالهم على لقطع من غير تخلل تهمة» فلا تغالط نفسك وتدخلها في المؤمنين إلا إن صرت كما ذكرنا. فاعلم ذلك واحذر من تزلزل اعتقادك في الله تعالى. [من علامة وقوف السالك مع نفسه] قال رضي الله عنه: من علامة رؤيتك نفسك على إخوانك: عدم زيارتك همء ومشيك إليهم؛ ومحبتك أن يزوروك ويمشوا إليك؛ وهذا شأن أصحاب ندعاوى من فقراء هذا الزمان» فتراهم لا يزورون أحداً من إخوانهم خوفاً أن يقول تلامذتهم : لولا شيخنا دون هذا الشيخ في المرتبة ما زاره. فأحوالهم كلها هوى النفس. وتراهم لا يطلبون بلدا إلا إذا كان أهلها يطعمونهم ويبرونهم ويعتقدونهم» فترك كل من عمل شيخاً زيارة إخوانه وأقرانه» وتقاطعوا وتدابرواء دين الفقر والمشيخة؟ فاعلم ذلك » والله يتولى هداك .

[تحذير المريد من ادعائه التوية]

قال رحمه الله: احذر من دعواك التوبة» لأنها عزيزة الوجودء فكيف بما رراءها من المقامات؟ وإذا لم تصح لك التوبة» فكيف يصح أن ترشد غيرك» وأنت تتقلب ليلا ونهاراً في هوى نفسك وحظوظها؟ فاعلم ذلك وسد باب لمشيخة على نفسك» فإن إثم أتباعك في عنقك» لأن من هو في نفسه لا يهتدي يسلك تلامذته إلا بما هو حظ لنفوسهمء فلا يخرج تلميذه إلا على صفته؛ دن كان يحب المشيخة ونظامهاء وإرخاء العذبة وإطراق الرأس بين يديهء سميذه يطلع يحب ذلك. ويقولون: من أراد أن يعرف مقام شيخ لم يجتمع به سينظر إلى تلميذه فإنه يدل عليه. ولذلك ترى كل أحد يريد أن ينفرد بالصيت لاعتقاد من الخلق» وأن لا ينظر الناس إلى شيخ سواه.

48 موازين القاصرين

وإذا مات الشيخ من هؤلاء تصير جماعته يتنازعون في المشيخة بعده. ويكرهون بعضهم بالطبع كأنهم على دين خلاف دينهم . بل رأينا أصحاب الملل من اليهود والنصارى يتحابون ويحبون لبعضهم الخير» فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ولهذا الشيخ من هؤلاء إذا بلغه عن شخص من أقرانه أنه حصل على قبول تام» واجتمعت القلوب على محبته وعظموه؛ ينقبض ويصير على وجهه كآبة لا تخفى» فهؤلاء كأنهم يخبطون في حظوظ نفوسهم ما رأينا أحداً منهم قط يدعو الله تعالى أن يحمد ذكره ويستره في الدنيا والآخرة. فلا يتحاسدون إلا على ما يجر لهم الدنياء وينبذوا الآخرة وراء ظهورهم» فالله يلطف بنا وبهم أمين .

[نصيحة تحذيرية لمن ينصب نفسه شيخاً]

قال رضي الله تعالى عنه: احذر من قولك لتلامذتك إذا عملت شيخاً: إذا عرض لكم الشيطان فاصرخوا باسمي فيهرب الشيطان» فإنك لست من رجاله لما سأبيّنه» وهو أنه لعنه الله ما اجتمع بولي قط وناظره إلا وغلبه وعلمه ما لم يكن يعلم» فلا يجتمع إلا بِوَّلي صاحب قدمء فهل أنت ولي؟ فإن قلت: نعم» فيقال لك: هل ذلك بشهادة الله تعالى» أو بشهادة نفسك؟ فإن قلت: بشهادة الله تعالى» يقال لك: الوحي قد انقطع فما أنت على يقين من ذلك» ولا ظن. وإن قلت: بشهادة نفسك» فأنت مسخرة للشيطان يلعب بك أقل المردة» فما بقي إلا الأصل» وهو أنك غير ولي» وإن كنت غير ولي؛ فلا يعرفك لأنك أقل وأخس عنده أن يجتمع بك» وإذا كان لا يعرفك» فكيف يهرب من ذكر اسمك؟ فالزم قدرك ولا تفتح على نفسك باب المشيخة على أحدء فتكون سببأ لضلالهم. وقد أوضحنا ذلك في «لواقح الأنوار؛ فراجعه تعرف قدر معرفة إبليس» وما أعطاه الله من القوة ولولا ذلك ما حذرنا منه.

واعلم أن أشد الناس تعباً في ذلك المتسلقون على الولاية الذين يطلبون أن يصيروا أولياء بالجوع والخلوة؛ فيشتغلوا بإبليس ويشخصوه بأعينهم» ويظنوا أنه

موازين القاصرين 49 لا يفارقهم لرؤيتهم أنهم أهل الله تعالى وهم أقل عنده من أن يقصدهمء لأنهم كفوه المؤنة» إذ مجاهدتهم كلها لحظ النفس» ولا يتقرب إلى الله بشيء دخلته نفس ء وإذا خرج عن كونه قربة فلا يحتاج إلى وسوسة. فاعلم ذلك واستغفر

[متى يصلح المريد للمشيخة]

قال رضي الله تعالى عنه: كل فقير لا يخرج عن تقليد الأئمة ويستغني عن علمهم بما أعطاه الله من النور الفارق» يفرق به بين الحق والباطل وغيره» فلا يصلح أن يعمل شيخاً. واحذر أن تعمل شيخاً وأنت مقلد لكلام الفقهاء أو رسالة شيخ من مشايخ الصوفية» فإن في ذلك هلاكك. وبالجملة: فمن لم يكن كتابه قلبه لا يصلح لهذا الباب» والسلام.

[المريد الحقيقي من يميز بين الحلال والحرام]

قال رضي الله تعالى عنه: كل فقير لا يميز الحلال من الحرام بالنظر فليس غقير. فورعه أقبح من ترك ورعهء ولا يزداد بورعه إلا مقتأ وطرداً. على أن نورع عندنا ليس في قدرة العبد أن يمتنع من أكل الحرام إذا قسم له أكلهء ومن يقسم له لا يحتاج إلى ورع. فعلم أنه لا يلزم من معرفة الحرام اجتنابه» ولا من معرفة الحلال أكلهء ولا يخرج عن هذا أحد من الأولياء» ولكن الله حمى بعض أوليائه من تناول ما للشرع على أكله اعتراض» فظن القاصرون أن ذلك بجهدهم» فجهدوا أن يكونوا مثلهم» فشبعوا بما ليس لهم. فاعلم ذلك» وكل ما تم لكء. واستغفر الله يتولى هداك.

زلازم من يعد ل00) الخلق] قال رضي الله عنه: من لازم من يعتزل الخلق اعتقاد التجسيم والقول

:2 ه الاعتزال ‏ العزلة: 5

50 موازين القاصرين

بالجهة» تعالى الله عن ذلك علواً كبيراًء فلو كان اعتقاده صحيحاً لرأى الح سبحانه وتعالى مع كل الخلق» فأين فائدة الاعتزال؟ وصاحب الخلوة والعزلة من

5 في اللغة: «اعتزل العالم: عاش في عزلة عن الآخرين» عاش وحيداً. عزلة : ابتعاد عن الآخرين». في القرآن الكريم: وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم م 6 مشتقاتهاء ا تعالى : : مذ عو وما 22 إِلَّا أنَهَ كوا إل الْكَيْفٍ بَنشْرَ ل َنم ين يَحْمَيه يهن لَك مَنْ مرف مر نكا )4 [الكيف : الآية 16].

في الاصطلاح الصوفي:

ه الاعتزال: قال الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي : «الاعتزال: هو الانفراد عن الخلق وإيثار مجالسة الحق؛ وهي صفة أرباب الصفوة وأهل الوصلة». ه العزلة : | قال الشيخ نجم الدين داية الرازي: «العزلة: هي الخروج عن مخالطة الخلق بالانزواء والانقطاع؟ . قال الشيخ إبراهيم الدسوقي: #العرلة: هي طريق المجتهد» وأذل رغبة المبتدىء». وقال الشيخ عبد الكريم الجيلي قدّس الله سرّه : «العزلة: هي مقدمة الخلوة» ليس إلا تمرين النفس على الانفرادء وقلة الطعام والمنام والكلام» وحفظ القلب من الخواطر المشتتة المتعلقة بالأكوان لا مطلق الخواطر؛. وقال الدكتور أبو الوفا الغنيمي التفتازاني : «العزلة: عند ابن سبعين تعني فرار النفس

عن القبيح» ولا تقتضي من المعتزل أن يترك صور الناس». ١‏ وقال الدكتور عبد المنعم الحفني : «العزلة: عند الصوفية لا يقصد بها اعتزاله عن الخلق لسلامة الناس من شره أو سلامته من شرهم» وإنما هي في الحقيقة اعتزال الخصال المذمومة؛. إضافات وإيضاحات: مسألة 1: فى ظاهر العزلة وباطنها عند الإبدال.

قال الشيخ أحمد بن محمد بن عباد: (ظاهر العزلة عند الأبدال ترك المخالطة بالناس» وباطتها ترك الأنس بهم». مسألة 2: في أقسام العزلة. نال لشن لواحي لسن لي ا «العزلة على قسمين : عزلة المريدين: وهي بالأجسام عن مخالطة الأغيار. وعزلة المحققين : وهي بالقلوب عن الأكوان» فليست قلوبهم محلا لشيء سوى العلم بالله تعالى الذي هو شاهد الحق فيها»). 0

موازين القاصرين 51

فقراء هذا الزمان لا شهود عنده للحق ولا إيمان. على أن ذلك كله مبني على

- مسألة 3: في علامة العزلة.

قال الشيخ ابن عطاء الله السكندري: «علامة العزلة: كشف الغطاء وإحياء القلب وتحقيق المحبة؛ . مسألة 4: في ثمار العزلة .

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي : #ثمار العزلة : الظفر بمواهب المنة» وهي أربعة: كشف الغطاء. وتنّل الرحمة» وتحقق المحية » ولسان الصدق في الكلمة». مسألة 5: فى المقصود من العزلة.

قال الشيخ أحمد بن عجيبة : «المقصود من العزلة هو : تفْرُغ القلب. والمقصود من التفرّغ: هو جولان القلب» واشتغال الفكرة. والمقصود من اشتغال الفكرة: تحصيل العلم وتمكنه من القلب؟. 0

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي : «آفات العزلة في العوام القاصدين إلى الله تعالى على سول الجعرقة بو الاستتات تن لوك الم إلى الله تعالن اربع على الففسن بالأسباب» وركون النفس إلى الجهة الممخصوصة من الاكتساب. واكتفاء العقل يما يحصل له من الاقتراب» وخطرات العدو بالأماني الصادرة عن المراد.

واعلم أن آفاتها في خراصهم أيضا أربغة : الاستقتاتن:بالوسواش» والتحدث بالرجوع إلى الناس » والتحديد في الوقت وهو من إمارات الإفلاس» وملاقات هوائف الحق على زعمه بالمعهود من الحواس». مسألة 7: في الخصال التي يحتاجها صاحب العزلة .

قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «صاحب العزلة متحصن بحصن الله تعالى» ومتحرس بحراسته. فيا طوبى لمن تفرد سرأً وعلانية. وهو يحتاج إلى عشرة خصال: علم الحق والباطل» وتحبّب الفقرء واختيار الشدة والزهد» واغتنام الخلوة؛ والنظر في العواقب» ورؤية التقصير في العبادة مع بذل المجهودء وترك العجب» وكثرة الذكر بلا غفلة» فإن الغفلة مصطاد الشيطان ورأس كل بلية وسبب كل حجابي. مسألة 8: : في نات المعتزل.

قال الشيخ عبد الكريم الجيلي قدّس الله سر ؛ : اللمعتزلين نيّات ثلاث : نيّةَ اتقاء شر الناس ٠»‏ وئيّة اتقاء شر المعتدي إلى الغير» رغو أرقع من الأول »إن في الأرلا .سوم الظن بالناس» وفي الثاني سوء الظن بنفسه. ونيّة إيثار صحبة المولى عن جانب الملاء فأعلى الناس من اعتزل بنفسه إيثاراً لصحبة ربه». مسألة 9: في عزلة العلماء بالله تعالى من حيث الأسماء الإلهية .

قال الشيخ الأكبر ابن عربي قدّس الله سرّه: : الا يعتزل إلأ من عرف نفسهء ومن عرف نفسه عرف ربه» قلسن ل مشهوة ااال من ديك أسماؤه لضت وتخلقة نها -

52

موازين القاصرين

رؤية نفسه أنه خير من جميع من يعتزل عنهم» ولو كان يعتقق أن كلا من الخلق

ار 0 » بل كان

يحم بجالتم ورك بهم . فاعلم أن خلوة هؤلاء وعزلتهم تكبّر وحظ نفس»

ولكن يعملوها قياماً لناموسهمء ولولا ذلك ما تميزوا ولا اعتقدهم أحد .

ظاهراً وباطناً .

وأسماؤه الحسنى على قسمين: أ سماء يقبلها العقل ويستقل بإدراكها وينسبها ويسمى بها الله تعالى» وأسماء أيضاً الهية لولا ورود الشرع بها ما قبلهاء فيقبلها إيماناًء ولا يعقلها من حيث ذاته» إلا أن أعلمه الحق بحقيقة نسبة تلك الأسماء إليه كما علمها أنبياءه وأولياءه .

فصاحب العزلة : هو الذي يعتزل بما هو له من ربه من غير تخلّق بما ينفرد به في زعم العقل من الأسماء الإلهية المشروعة التي لولا الشرع ما سمى العقل الله بهاء فهي للحق وقد جبل الإنسان عليها وخلقه مجلا لهاء فهو المسمى بها ولا يتمكن له الاعتزال عن مثل هذه الأسماء الإلهية.

ريشي القت الا رامن الاسام 1 لييةة يال نوها لما لار| عليداتيا من الضرر كماقال #ذق تلك أنتَ اعرد لكريم 469 [الدخان: : الآية 49]» وقوله: « كَدِكَ يظبَعْ الَهُ عل مكل لب مُتَكَبْر بارع [غافر: الآية 135]» فيعتزل عن مثل هله الأسماء الالية لما قبا من الام لعن تسد بها وهر بكنها في اليا . + فمن راع اللي بالأسياء اسفن ١‏ ور اخفسة السق فتهاء لكر يلاك عار العلر رق واد يد أن يظهر بهاء ويتلبس على الحد المشروع المحمود. فهذه مزاحمة عبودية ربوبية؛ وذلك لما رأى أن له أسماء هى له حقيقة ينفرد بهاء ورأى أن الحق زاحمه فيهاء كالضحك والفرح والتعجب والمحب والمتردد والكاره؛ والناسي والاستحياء وما أشبه ذلك مما ورد ذكره في الكتاب والسنّة» إلى ما يداخل النشأة من يد ويدين وأيد وجل :وغين وأعين : إل ما بداتفل النشأة من الأحوال مرخ استؤاء 'ومعية.ونزول وظلب ا ا ا د ا التي ينبغي أن تكون للعبد كما هي في نفس الأمر عنده فقال: الأليق بي أن يأعتزل بأسمائي عن أسمائه ولا أزاحمه فيها. . . فأما أن نعتزل عن الجميع» وأما أن نتسمى بالجميع . فقلنا له : الرلتعن الجمعه واترك لحن إل كاه ماك بالاتيماة. كلها واقلواء.. ولا تعترض» وإن شاء سمّاك ببعضهاء وإن شاء لم يسمّك ولا بواحد منها اله لْأْمْرٌ من

22. خير ضاع مس وري

قبل ومن بذك [الرُوم : الآية 4].

فرجع العبد إلى خصوصيته» وهي العبودة التي لم تزاحم الربوبية» فتحلى بها وقعد في بيت شيئية وجوده ينظر تصريف الحق فيه وهو معتزل عن التدبير. 5

وتأملهم وتكدرهم لما يطلع شيخ آخر بلدهم التي يترددون إليها لأجل

موازين القاصرين 53

2 فمن اعتزل هذه العزلة فهى عزلة العلماء بالله. لا هجران الخلائق» ولا غلق الأنواب وفلازمة البيوت. وهى العزلة الت عند النامن» أن يلزم الإنسان بيع ولا يعاشر» ولا يخالط» ويطلب السلامة ما استطاع بعزلته ليسلم من الناس ويسلم الناس منه) . مسألة 10: فى عزلة العارف .

فاك الباحث محمد خارف حرا + «الحرلة للعار فين ليق الوا اشر شاكرا صامتين؛ إذ كلام الناس يدور إما حول أسباب المعيشة؛ وإما انتقاد بعضهم بعضاًء وإما التخبط في أسئلة ميتافيزيقية لا يملكون حيالها أجوبة معينة شافية.

والعار ف عارف لكبه غير قاد على تقل معرقته إلى النامن إلا يقد وواحوت التحفاظ على الهدوه الكن أمو اش يها فريضة ولا لفعدت الأرض رقتدات الحياه نغتاهاة ومعرقة الغارف تتجاوز هذه الأفاق + فكيف يفرغ البحر في دلو أو قدح؟ .

لذلك فالعارف معتزل» وعزلته أنسه بالله عزَّ وجل الذي قرّبه وآنسه وتبسّط إليه وأطلعه على خفايا الغيب فرأى ما لا عين رأت» وسمع ما لم يخطر على بال بشر.

ويشارك العارف الناس مجلسهم» ويآكلهم» ويشاربهم» ويسامرهم» ويلقي إليهم مماعنده من علوم. ولكنه في حقيقة أمره وحيد متوحٌدء معتزل» منعزلء لأن صاحب الحقيقة غريب عن الدارين» قد رنا إلى اللامتناهى حتى صارت روحه روححه». 1 مسألة 11: فى ترك العّلة .

قال الشيخ الأكبر ابن عربي قدّس الله سرّه: لاتفرحيبالاعتزالفإنه ‏ جهل,اأ 1 كفن والأرواح نور الإله أجلن منك نفاسة ومع اسلو سيك سيا لم يعكول ضفن شوو كو حيادت : . “وإلدى العسسليق انه تسرقاج لوأن نورالحق معتزل لما م ودامت الأفسراح بالنور من فلك البهاء إذابدا ‏ للناظرينأ ل

.اعلم أيدنا الله وإياك» أن مثير العزلة إنما هو خوف القواطع عن الوصلة بالجناب الإلهي» أو رجاء الوصلة بالعزلة به لما كان في حجاب نفسه وظلمة كونه؛ وحقيقة ذاته» يبعثها على طلب الوصلة ما هي عليه من الصورة الإلهية كما يطلب الرحم الوصلة بالرحمن لما كانت شجنة منه. ثم إن العبد رأى ارتباط الكون بالله ارتباطاً لا يمكن الانفكاك عنه لأنه وصف ذاتي له وتجلّى له في هذا الارتباط» وعرف من هذا التجلّي وجوبه ب وأنه لا تغبت لمطلوبه هذه الرتبة إلا به وأنه سرها الذي لو بطل لبطلت الربوبية ورآه في كل شيء مثل ما هو عنده؛ ونسبة كل شيء إليه كنسبته هو إليهء فلم يتمكن له الاعتزال». ِ-

54 موازين القاصرين

إحسائهم ) فيجدهم كلهم انقلبوا بقلوبهم عنهء فلو كان قصده الخير للتلاميذ فرح بذلك وكثر اعتقاد التلاميذ فيه» وربما تلقن هو عليه لأنه كفاه المؤنة ووضع الهم

- مسألة 12: في العزلة التي لا يعول عليها.

قال الشيخ الأكبر ابن عربي قدَّس الله سرّه: «العزلة عن الناس طلباً للسلامة منهم لا يعول عليهاء فإن اعتزل طلباً لسلامتهم منه فذلك المطلوب". » مقارنة : في الفرق بين الخلوة ة والعزلة .

قال الإمام القشيري: «الخلوة صفة أهل الصفوة؛ والعزلة من أمارات الوصلة» ولا بد للمريد في ابتداء حاله من العزلة عن أبناء جنسه؛ ثم في نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه) .

وقال الشيخ عمر السهروردي: «الخلوة غير العزلة؛ فالخلوة من الأغيار» والعزلة من النفس» وما تدعو إليه وما يشغل عن الله» فالخلوة كثيرة الوجود. والعزلة قليلة الوجود).

من أقوال الصوفية:

قال التابعى مكحول الشامى رضى الله عنه : «إن كان الفضل فى الجماعة» فالسلامة فى العزلة». - 50-7 1

وقال الشيخ أبو بكر الوراق الترمذي: «وجدت خير الدنيا والآخرة في العزلة والخلوة»؛ وشرهما في الخلطة».

ه من وصايا الصوفية : قال الشيخ أبو علي الدقاق: «البس مع الناس ما يلبسون» وكُلْ معهم ما يأكلون» واتفرد بسوّك».

وقال الشيخ أبو عبد الله الرملي: «ليكن خدنك الخلوة» وطعامك الجوع» وحديثك المناجاة» فإما أن تموت وإما أن تصل إلى الله تعالى1.

ه حالة العزلة :

ا ا يك «حال العزلة: هو التنزيه عن الأوصاف سالكاً كان المعتزل أو ه عزلة العوام:

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي : «عزلة العوام : وهي مفارقة الناس بجسده طلبا لسلامتهم من شرّه لا لسلامته من شرهم».

ه عزلة الخواص:

قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشيندي: : «عؤلة الخواص: هي مفارقة الصفة البشرية إلى الصفات الملكية». 5

موازين القاصرين 55 فى عنقهء لأن كل من عمل شيخاً فى هذا الزمان دخل عليه كل رياء ومداهنة لأجل اللقمة التي يجتمع عليها تلامذته .

هوى نفس]

وقد ذكرنا في «رسالة الأنوار»”'' من علامة كون الشيخ صاحب هوى نفس : كثرة تلامذته» لأنه لو أمرهم بما يخالف هوى نفوسهم ما تبعه إلا القليل» نصار كل شيخ له جماعة معينون يطوفون معه البلاد» وربما تخلّف الشيخ تلك نسنة عن الطواف» فيجيئون إليه ويقولون له: أهل البلاد كلهم في انتظاركم يا سيدي الشيخ . فيقومون عليه ويدخلون رأسه الجراب.

وصدق القائل: لكن الذين ينتظرونه إنما هم الآكلون معه في الولائم والضيافات فقطء أما الفلاح الذي وزن الخراج الثقيل سبعة أمثاله وهاف زرعه كنه بعد ذلك». ولم يعرف له بلدا يرحل إليه» كيف يفرح بمعاليف كل واحد يطحن ويبة يأكل ما عند أولاده مع كفرانه بنعمتهم؟ ويقولون لمن يضيفهم: حصل لك بركة بأكل الشيخ عندك .

وبالجملة: إن هذا كله خارج عن سياج طريق الله تعالى كما أوضحنا ذلك في كتاب «الميزان)©) والسلام.

-- هالعزلة الصادقة: قال الشيخ عبد الحق بن سبعين: «العزلة الصادقة : هي في فرار النفس عن القبيح المهلك لهاء لا البعد عن الأهل؟.

ل العزلة في الخلطة : قال الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي: «العزلة في الخلطة: وهي كناية عن اعتزال الباطن عن الخلق إلى الحق مع اختلاط الظاهر بالخلق. والصوفي : كائن بائن؛

أي كائن مع الخلق من حيث الظاهرء وبائن عنهم من حيث الباطن». [انظر: الموسوعة الكسنزانية الصوفيّة » حرف العين: الاعتزال ‏ العزلة . هذا الكتاب سبق ذكره. 8 هذا الكتاب سبق ذكره.

56 موازين, القاصرين

[أحسن أحوال السالك] قال رضي الله تعالى عنه: أحسن أحوال العبد أن يرى نفسه عاصياً وقلبه قاسياً. فإنه يصير حينئذ لا دعوى عنده. فتأمل» وهذا ما درج عليه أهل الله تعالى» لأنه وصفهم على الدوام؛ أما من يرى أحواله حسنة؛ وهو مطيع وقلبه رقيق» فالهلاك أقرب إليه من حبل الوريد. فإن الله تعالى قال: «إسَسَسَدَيجُهُم يِنْ حَيْتُ لا يَمَلَمُون# [الأعرّاف : الآية 182].

[الكبر يناقض الإيمان] قال رضي الله تعالى عنه: كيف تطلب أن تكون من المؤمنين»: وأنت طالب لأوصاف المتكبرين من الصلاة على السجادة الرفيعة والمشي في أشرف البقاع من المساجد بالتاسومة» وربما دخلت المسجد وقلت عند الصلاة: أين السجادة؟

فلواكتك من" أل تغيرة الله تعالئ ها شعرت جاده وله تا و0

فضارت طريق الله بالتكير والفخامة والدغوة والجبة البيضاء المقيرية » والعمامة الرفيعة» وإرخاء العذبة» ووضع الرأس في الطوق”» وشبه ذلك من أوصاف المتكيوية:

ولعمري. هل رأيت عبداً آبقأ طال عليه الهجران من سيده أو الغضب عليه ثم دعي للوقوف بين يديه؛ هل يشتغل بفرش سجادة؟ أو بطلب تاسومة يمشي بها على بساط سيده؟ فتأمل ذلك فإنه كله من أفعال المحجوبين الغافلين؛ فكيف يكون صاحبه داعياً إلى الله تعالى» وهو لا يعرف طريق بابه؟ . فاعلم ذلك واحذر من اقتفاء آثار المتظاهرين في هذا الزمان بالمشيخة» فإنهم لا يسلكون بك

(1) قال في لسان العرب : النّعل والتّعلة: ما وقيت به القدم من الأرضء» مؤنثة. وهي التي تلبس في المشي» تسمى الآن تاسومة . (باب ثعل) .

)2( العلوق : واحد الأطواق. وقد طوّقته فتطوّق؛ أي ألبسته الطوق فلبسه. والطوق: الطاقة . (الصحاح في اللغة ؛ للجوهري) .

موازين القاصرين 57

إلا من طريق المقت وقلة الأدب مع الله تعالى. نسأل الله أن يمن علينا بالقوت ولا يعذبنا بغلاء» آمين.

فلو كان من يعمل شيخاً يظل اليوم واليومين لا يجد رغيفاء ما اعتنى بعذبة ولا سجادة» ولا قال للخلق: تعالوا ألقنكم الذكر واتخذوني أستاذأء لكنه وجد الرغيف والأكل موجوداً فتطاول وادعى وتكبر وتمشيخ «إ9كلآ إنَّ لاضن نطق 9 أن ياه أنتفق 29 [العلق: الآبتان 7.6]» ولكن يهدي من يشاء إلى ما يشاء.

[سقوط من لا يقبل النصيحة]

قال رضي الله تعالى عئه: كل من نهيته عن نقص فيه وحذرته فقال: هذا

لا يليق بمثلي إنما يليق ذلك بالعوام والفقهاء. فاعلم أنه سقط عند الله عز وجل

وحجب عن الإيمان #وَدَكْر ين لذ َعَم لْمزيينَ 49 [الذاريّات: الآية 55]» فاعلم ذلك واحذر منهء والله يتولى هداك . [إذن بالمشيخة غير صحيخ]

قال عفى الله تعالى عنه: من برز إلى الخلق بمنام رآه أو أذن له أحد من صوفية هذا الزمان» فليس بإذن صحيح. فصار كل من رأى مناماء عمل شيخا ولا يعرف الآن من مشايخ عصرنا من معه إذن صحيح أبدأء لآن الإذن إنما يكون من الأولياء أصحاب القدم من أصحاب التوبة وغيرهم. أما إذن هؤلاء القاصرين الذين جلسوا في الزوايا وجعلوا لهم تلامذة فهو إذن لا عبرة به.

وقد سأل شخص من إخواننا الشيخ عبد القادر الدشطوطي رضي الله تعالى عنه. عن المشايخ الذين في الزوايا في عصرهء وعيِّن منهم الشيخ المرصفي والشيخ الذاكرء هل هم أولياء أو لا؟ فقال: لايا ولديء هؤلاء كلهم لم يشموا طريق الفقراء» هؤلاء بعيدون عن المقصود. إنما هم فقراء قليلو الأدب» ولكن الأولياء أصحاب القدم يا ولدي كثيرء وعد منهم جماعة طباخين وجماعة زياتين . وعد منهم شبيخنا العارف بالله تعالى علي البرلسي رحمه الله تعالى. وإذا

نازعت أحد هؤلاء القاصرين المدّعين. وقلت له: لست وليّا. فقال: طريقنا ليس للقطب عليها ولاية. نحن خارجرن عن القطب ودائرته .

واعلم أن أقوى الأدلة على عدم ولاية هؤلاء المشايخ. عدم معرفتهم للأولياء أصحاب التصريف.». لأنهم لو كانوا منهم لعرفوهم. كنا هو كان أصحاب كل حرفة؛ وإن لم يعرفوا كلهم عرفوا بعضهم. فهؤلاء ليس لهم اسم في الولاية إلا عند العوام الذين يعتقدون أن كل من قعد في زاوية يلقن الذكر فهو شيخ ولذلك بعملدة لهسدرا ا وغير ذلك من علامات الأولياء. نسأل الله تعالى العافية» عير

قال رضي الله عنه: احذر من رؤية نفسك على أحد من الخلق» فإنك إن تعلك اليك ركثر تمق «اتحمار أنام بيتك وقيوت ورن نظرت: إلى كر علمك ومعرفتك وعبادتك. فإبليس أعلم منك وأكثر عبادة» وهكذا في جميع الصفات . فاعلم ذلك» واحذر من الخوض في التفاضل بين الخلق من مشايخهم ورفقائهم» فإن ذلك حديث بالظن لا يعلم إلا بالوحي» والسلام.

[عدم اقتصار المريد في هذا الزمان على شيخ واحد]

قال رضي الله عنه : احذر أن تقتصر على شيخ واحد في هذا الزمان» فإنه تحجير عليك» وقلة نفع لك. بل اعتقد في كل شيخ يحصل لك الخير منهء وإنما كان أهل العصر الخالي يقيدون بذلك على تلامذتهم لأنهم كانوا أولياء عارفين بالله تعالى وبالأحكام؟ أما مشايخ هذا الزمان فليس معهم من العلم اللدني شيء» وإنما هم مقلدون لأضعف الفقهاء؛ ولو بحث معهم فقيه لا يدرون له جوابء فأين هم من الأولياء؟ الذين كانوا إذا فقدوا الجواب من طريق النقل أجابوا من طريق الكشفء كما وقع للعارف بالله تعالى سيدي أحمد البدوي»

موازين القاصرين 59

وسيدي عبد الله البلتاجي وأضرابهما. فاعلم ذلك ولا يغرنك تقييدهم على تلامذتهم أن لا يجتمعوا بغيرهم فإن ذلك خطأ منهم» ومحبة لانفرادهم بالصيت دون غيرهمء والله يتولى السرائر.

[تعظيم الخلق للعبد سمّ قاتل]

قال رضي الله عنه: من علامة الداعي إلى الله تعالى بصدق: أن لا يتغير على من انقلب إلى شيخ آخر من أقرانه. فمتى وجد في قلبه حرارة وضيقاً لذلك» فمشيخته حظ نفس لا يصلح أن يلقن أحداً. فاعلم ذلك» واحذر إذا لمشيخة. واحذر من هجر أحد من الخلق بسبب ذلك تشبهاً بالأولياء الذين كانوا يهجرون التلميذ لمصلحة حاله» فإن وبال ذلك يرجع عليك وأنت شيخ معمول» ولا أنت شيخ إلا بإخوانك» فاحذر أن تنفرهم فتزول مشيختك المعمولة. واعلم أنك لو نظرت لحالك الناقص لعذرتهمء فإنك أقل أدبا منهم لأنك منازع لله تعالى في خلقهء فلزم من ذلك ازدراؤك للخلق ومنازعتك للحق» وكفى بذلك كفراً وجهلاء فاعلم ذلك. 2 , فليحذر العبد من الركون إلى تقبيل الأيدي والأرجل والأطراف بين يديه وغير ذلك من أوصاف الملوك» وليعلم أن إخوانه المعتقدين فيه إنما هم أعوان إبليس بل هم أسرع في هلاكه منهء فإنهم أعدى الأعداءء فإنه لا يسمع منهم إلا نشر محاسنه وستر مساوئه» وهذا أمر يغيب معه رشد الرجال وعقولهم؛ فكيف بمن ليس له قدم في الرجولية؟

وقد قال سيدي أحمد الرفاعى رضى الله عنه لبعض أصحابه: كن ذنباً ولا تكن رأساء فإن الضربة أول ما تقع في الرأس. فكم طقطقت النعال فحول الرجال من رأس وأذهبت من دين.

ولو لم يكن من تعظيم الخلق للعبد إلا أنه يحكم عليه الرياء والمداهنة وأكل أوساخ الناس على رغم أنفه خوفاً من خرق مرتبته» لأنه لو فتح باب

60 موازين القاصرين

النصح للخلق» وأغلظ عليهم» فعلوا معه مثل فعله» فيزول تمييزه عنهم وتعظيمه في قلوبهم» فتزول مشيخته لهم وإطعامهم وخدمتهم لهء لأن الخلق من شأنهم عدم الإذعان لبعضهم وكراهية التمييز عليهم» فلا يذعنون له إلا بعد جهد ونصب وحيل» أو ظهور كرامات خارقة» وهيهات إن حصل لهم بعد ذلك اعتقاد» بل ريما قالوا هلا ساخر:

وتأمل الخلق لو اطلعوا على زلّة من يعمل شيخاً باطلاعهم عليه وهو يعمل زغلا أو يفسق بجارحة هل يصيرون يذبحون له ذبيحة أو يسألونه الدعاء؟ تعرف يقيناً أن كل من عمل شيخاًء صار يأكل بدينه إلى أن يلقى الله مفلساً ليس معه إلا أقذار من أكل طعامهم, لأنه من حين يشتهر بالصلاح لا يقدر على عمل حرفة تقوم به» ونهايته أن يكون راتداً على جنبه يسبّح الله تعالى بسبحة» فتدخل عليه الخلق» فيقولون له: خاطرك علينا يا سيدي الشيخ. وقد أوضحنا الكلام على ذلك في «لواقح الأنوار»”" .

[التحذير من الظهور بالمقامات]

قال راضى الله ععه ‏ اخذر من أن تظهر لك مقاماً أو خالا فى :هذا الرمان بقصد انتفاع الناس بك» فذلك طمع كاذب» وقد عم البلاء الحاضرة والبادية» وصار سلوك الخلق بما هم فيه من البلاء على اختلاف طبقاتهم» فإن فائدة السلوك تهذيب النفس وتمهيدها حتى تذل.

وتأمل الخلق تجد كل شخص نفسه مكسورة بحرفته» لا سيما الفلاحين والتراسين والطباخين وغيرهم من سائر الحرف الشاقة» فتجد الفاعل منهم آخر النهار تخذلت أعضاؤه وضعفت نفسه إلى الطرف الأقصى. فأي شيخ من شيوخ هذا الزمان يقدر أن يوصل شخصا إلى هذه الحرفة يوم بكلامه الذي يحكيه له عن الصالحين؟ وقس عليه الفران في شدة الحرء والسقاء والنوتي في شدة البردء وغيرهم. فاعلم ذلك واستر نفسك وعورتكء واتهم نفسك في دعواها الصلاح»

(1) هذا الكتاب سبقت الإشارة إليه .

موازين القاصرين 61

فإنه لو ظن بنفسه الفسق والعصيان» كما هو الحقء ما ادعى ولا تمشيخ وما

صدر منه دعوى: ومسكه لين مرا أىّ مُق ينَعَلَون 429 [الشَعَرَاء: الآية

07

[التحذير من قصد التنزيه]

قال رضي الله تعالى عنه: احذر من قصدك بالذكر تنزيه الله تعالى» فإنه سبحانه وتعالى له الكمال المطلى» فما ثم شيء تنزّهه عنه. فمتى قصدت تنزيهه فقد ألحقت به القبيح بوهمك» تعالى الله عن ذلك .

واحذر أن تقصد به ما يطلبه القاصرون من المحجوبين من طلب الحق» فإنه تعالى موجودء والموجود لا يطلب إنما يطلب المفقود. فيا ليت شعري هؤلاء المدعون ما حال إيمانهم بالقرآن وهو سبحانه وتعالى يقول وهو أحكم الحاكمين: لوَمْرَ مَعَيْ ْنَا مم4 [الحديد: الآبة 4]. فإذا كان معهم أينما كانواء فكيف يطلبونه» وإن لم يكن شهوداً كان إيماناء فإذا لم يصح إيمان هؤلاء نكيف يدعون الولاية؟!

[تحذير المريد من تخصيص أوقات للذكر] واحذر من المداومة على الذكر في أوقات مخصوصة., وأن تختلي وتذكر يوماً وليلة متوالية» أو أياماً. فإن ذلك مما يفسد القلب. وقد جربنا ذلك» لأن هذا الذكر لا يكون إلا موضع الغفلة» إذ حضرة الحق حضرة بهت وسكوت لا لغخط فيهاء ولا يمكن فيها رفع صوت بذكر ولا بغيره. [المراد بالذكر الكثير] والمراد بذكر الله كثيراً: أن يتوالى على العبد شهوده أن الله ناظر إليهء وأنه في حضرته» وهو أولى من شهوده الحق» لأن في ذلك سوء أدب كما لا يخفى .

مت

قال الله تعالى لنبيه محمد يَِدِ: «إما راع ألَصَرٌ وبا طق 457 [النجم: الآية 17]

62 موازين القاصرين فاعلم ذلك.» فإنه من باب المعرفة» واللّه يتولى هداك .

[تحذير الشيخ من اعتقاده علو مرتبته وأنه من الأولياء]

واحذر من استدلالك على علو مرتبتك بإقبال الخلق عليك واعتقادهم فيك» وقبولهم لمراسيمك» فإن في ذلك هلاكك .

واحذر من قولك في نفسك: لولا أني من الأولياء ما انقاد الخلق لي هذا الانقياد» واعتقدوا فيّ هذا الاعتقاد. وكم من شخص يريد أن يكون مثلك عند الناس لا يقدر ولا يتيسر له ذلك» وهذا الأمر ما هو سدىٌّء وهل في قدرتك أنك تجمع هذه القلوب على محبتك؟ فإن ذلك كله غرور وضلال. فاعلم ذلك وكن على حذر من سوء الخاتمة» إذا كثر إقبال الخلق عليك» فإنه على قدر الصعود يكون الهبوط» ومن هو جالس على أساسه فعاقبته إلى خيرء لأن المكر والاستدراج إنما يكون لمن تعدى حذه وتجاوز وصفهء والله يفعل ما يشاء.

وقال رضي الله تعالى عنه: احذر من أن تقر المعتقدين على وصفهم لك بالولاية والصلاح» بل ازجرهم عن ذلكء» وأنَى لك بهذه الدرجة؟ وقد قررنا غير ما مرة أن درجة الإسلام عزيزة في مشايخ هذا الزمان لكثرة المنازعة القائمة في بواطنهم لله تعالى في صفات الكمال بما يستحق به المدح ورفع المنزلة على الخلق .

والإسلام هو الاستسلام والانقياد لله تعالى ولعباده» باطناً وظاهراًء وأن لا يكون عنده منازعة في شيء من الكمالات» وأن يسلم اعتقاده وإيمانه من الشكوك والأوهام المضلة عن طريق الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين.

إذا علمت ذلكء فتيقظ لنفسك ولا تقلّد أحداً في علمك بهاء فإن الخلق لا يعرفون منك إلا ظاهركء» والمدار على السرائر لا على الظواهر. وقد كثر فى هذا الزمان المدعون» وصار كل مدّع ينصب له نقباء وكذابين» ويقول: إن شيخنا صاحب العصر. وكل ذلك مصيدة للدنيا.

موازين القاصرين 63

وتأمل مدحهم لشيخهم., إنما يكون دائماً عند الأمراء وكبراء البلاد ونحوهم مما يتوهمون حولهم البرء فما ترى منهم أحداً يمدح شيخه عند صنايعي فقير أو فلاح صعلوك» لعلمهم أن هؤلاء ليس عندهم شيء يأخذونه لهم ولا لشيخهم.

وكلب الصيد]

وفي الأمثال السائرة: أن كلب السوق تناظر مع كلب الصيدء فقال كلب السوق: مالك لا ترضى بالكسّر التي على المزابل مثلي» وتجتنب الملوك والأمراء وأبناء الدنيا؟ فقال كلب الصيد : أنا وإن خالطت الملوك وغيرهم» فأنا متعفف عما بأيديهم لا آكل منه شيئاًء وأصطاد لهم لا لنفسي» ولذلك عظّموني وأكرموني وقرّبوني وأجلسوني على فراشهم» ولم ينظروا لخساستي حين رأوا شرف همّتي» وأنت لما كنت كثير الشره والحرص فيما بأيديهم» ولا تصطاد إلا لنفسك. طردك الخلق إلى المزابل ومقتوك . فتأمل ذلك ولا تغتر بمدح الخلق لكء» والله يتولى هداك.

[أدب العبيد]

قال رضي الله تعالى عنه: أدب العبيد شهودهم سوء أدبهم في جميع وعلمت قل أدبك» وعدم استقامتك أن تترك باب النصح والإرشاد لإخوانك» وتقول: الأعوج لا ينبغي له أن يتصذر لإرشاد أحد. فإن ذلك جهل» بل انصح وأرشد غيرك مع رؤيتك أنه خير منك. فاعلم أن من ترك النصح مؤاخذ بذلك لأنه منازع لله تعالى في الألوهية» طالب أن يكون له ما لله على عباده من امتثال أمره واجتناب نهيه؛ هذا شأن من نصح بغير أمر إِلّهي» فافهم؛ والله على كل شيء شهيد .

64 موازين القاصرين

[من علامات الجهل بطريق أهل الله تعالى]

قال رضي الله تعالى عنه: من علامات الجهل بطريق أهل الله تعالى : البروز للدعوة ع داع إلمي يدعوه إلى ذلك. ويقال لهذا المحجوب المدعي لذلك: هل أمرت بالبروز للدعوة على من هو دونك أو مثلك أو أعلى منك؟ فإن قال: على من هو دونيء قلنا له: أنت جاهل لا تصلح لشيء من هذا الباب» لآأن “من ذاق فى الطريق شيعا لا يتضور ينه أن يزئى أجدا من الخلى دونه فن المرتبة ؛ والذي لك يذق شيئاً كيف يربي ويسلك؟ فتأمل . ١‏

وإن قال: على مثليء أو على من هو أعلى مني . قلنا له: هذا كلام لا يصدر من عاقل» فإن كلا منهما لا يحتاج إليك؛ فلا فائدة لمشيختك عليهم. فاعلم ذلك واحذر من استنادك لمنام تراهء أو إذن قاصر من مشايخ هذا الزمان الصم والبكم العمي الذين لا يعقلون: 9وَلرُ عِلِمْ أَمَهُ فِيمْ حَبًا لَحْمَمَهُمْ وَل سْمعَهُم لتَولَوأْ َهْم مُمْرضُورت 6029 [الأنقال: الآية 23].

فكن ناصحاً لإخوانك ما استطعت من غير رؤية نفس ومنة عليهم بذلك» والله يتولى هداكء وهو يتولى الصالحين .

[علم الأدب مع الله تعالى ومع الخلق] قال رضي الله تعالى عنه: أنفع ما يشتغل العبد به من العلوم الكونية» ما كان متعلقاً بالأدب مع الله تعالى» ومع خلقه. وما عدا ذلك فهو اشتغال بما لا يعني» وجماع ذلك كله أن يشهد العبد نفسه غارقا في كل وصف مذمومء عاريا من كل وصف محمودء ومن شهد هذا المشهد فقد أعطى كل ذي حق حقهء وميز وصفه عن وصف سيدهء ودخل في حضرة النعيم المقيم أبد الآبدين» فهذه طريقة نفيسة سهلة» لأن ذلك إن لم يكن شهوداً فإيمانًء ومن انحط عن درجة

موازين القاصرين 65 الإيمان فلا كلام لنا معه» كغالب من يتمشيخ في هذا الزمان» عضت إلا بازدراء إخوانه ورؤيته أنهم دونه بدرجات فيرد قوله تعالى: © إِنَمَا الْمُؤْمسُونَ لِخْوَةٌ © [السُجرات : الآية 10] . [البَقَرَة: الآية 257].

وقوله تعالى: «#آليّيٌ أَوَكَ بِالْمُؤْميينَ سِنْ نسي 4 [الأحرّاب : الآية 6].

ويجعل نفسه خيراً من إخوانه. ووليّاً على الخلق من دون للم وأولى بالمؤمنين من النبي كككي. وهذا خرق لسياج العبودية على الإطلاق.

وفي هذا القدر كفايةء وقد أوضحت ذلك في رسالة الواقح الأنوار)'© وغيرهاء وقد وضعنا هذه الرسالة للتنفير عن طريق هؤلاء المغترين» فإذا حصل التنفير» فلينظر فى بقية رسائلنا الموضوعة لبيان الآداب المتعلقة بالخلق من الملوك والعلماء وأصحاب الحرف وغيرهم. والحمد لله رب العالمين .

تمّت الرسالة بعون الله

([) سبقت الإشارة إلى هذا الكتاب.

اليم 0 عا اوضرب المتبولية”

و

2 دك و اد عام الما 2 _العارف الله تعاللمتَ البلعام الريا م 7 بو م١‏ 03 مدوم نام قاذرك - الف 47 مي

لي - يو

ضاطه همه و 8 0 1 سيت الشّاذليالرقاوي

الحمد لله الذي فرض التوبة وحرّم الإصرارء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرَيَك لكاتب الأثان» وأشهد أن سيدنا وثبينا محمد عبده ورسوله صفوة الأخيارهء كله وعلى آله وصحبه السادة الأبرار. وبعد:

فهذا تعليق على وصيّة الشيخ العارف بالله تعالى: أبي إسحاق إبراهيم المتبولي» طيّب الله ثراه وجعل الجنة متقلبه ومثواهء ونفعنا والمسلمين ببركاته» وأعاد عليّ وعليهم من صالح دعواته .

والله تعالى أسأل أن ينفع به وأن يجعله خالصا لوجهه؛ إنه على كل شيء قدير.

69

أول الوصية

عليك أيها الأخ بالاستقامة في التوبة

والتوبة في اللغة:

الرجوع. يقال: تاب. أي: رجع.

وفي الشرع: الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود في الشوع:

ولها بداية ونهاية :

فبدايتها: التوبة من الكبائر؛ ثم الصغائرء ثم المكروهات» ثم من خلاف الأولى من راية الحسنات ومن راية أنه صار معدوداً من الفقراء» ثم من راية أنه صدق في التوبة» ثم من كل خاطر يخطر له في غير مرضةة الله تعالى.

وأما نهايتها: فالتوبة كلما غفل عن شهود ربّه تعالى طرفة عين.

وذكر المحققون من أهل الطريق: أن من ندم على ذنبه واعترف به فقد صخت توبته لأن الله تعالى لم يقض علينا في توبة أبينا السيد آدم عليه الصلاة والسلام إلا الاعتراف والندم. فلو كان ثم أمر زائد لقصَّهُ علينا. وقول العلماء: إن من شرط التوبة الإقلاع وَعَرْمُ أن لا يعودء إنما أخذوه بطريق الاستنباط» إذ النادم على شيء من لوازمه الإقلاعٌ وعَرْمُ أن لا يعود. ومعلوم أن التوبة تغفر حقوق الله تعالى وظلم العبد لنفسه بارتكاب المعاصي دون الشرك بالله تعالى» وإن كان هو يرجع إلى ظلم النفس أيضاًء ودون حقوق الخلق من مال وعرض» وسيأتي الكلام عليهما إن شاء الله تعالى.

وبدأ الشيخ بالتوبة» لأنها أساس لكل مقام ترقى إليه العبد حتى يموت.

71

72 المنح السنيّة على الوصيّة المتبولية فكما أن من لا أرض له لا بناء لهء كذلك من لا توبة له فلا حال له ولا مقام .

ومن كلامهم: من أحكم مقام توبته حفظه الله تعالى من سائر الشوائب التي في الأعمال» فهي نظير مقام الزهد في الدنيا يحفظ صاحبه من سائر ما يحجب عن الحىّ تعالى. وحثٌّ على الاستقامة في التوبة لأنه متى ما كان في التوبة اعرجاج. انسحب حكمه ‏ أي الاعوجاج ‏ في كل مقام بعده فيصير بناؤه مُهَلْهلاً كمن بنى حائطه من اللبن اليابس بغير طين.

قال سيدي محمد بن عنان رحمه الله تعالى: من استقام في توبته عن المعاصي», ارتقى إلى التوبة من كل ما لا يعنى» ومن لا يستقم فيها لاا يشم من التوبة عن الفضول رائحة» ولا يقدر على رعاية خاطره أبداء بل يغلب عليه خواطر المعاصي حتى في صلاته. وتأمل قوله تعالى للمعصوم الأكبر كَل سيق كنآ أُمِرَتَ ومن تاب مَعَكَ» [َهُود: الآية 112] فأمره الله تعالى بالاستقامة في التوبة ومن تاب معه من جميع أتباعه وأمته”".

وقال سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى : من استقام في توبته وزهد في الدنياء فقد انطوى فيه سائر المقامات والأحوال الصالحة.

تنبيه : ينبغى للعبد أن يفتش أعضاءه الظاهرة والباطنة» صباحاً ومساةء هل قلع حدر ان نكال النن عدم نهنا أو دن وهل قاباك نينا انوت اتن غض البصرء وحفظ اللسان والأذن والقلب. وغير ذلك على وجه الإخلاص أو لم تقم؟ فإن رأى جارحة من جوارحه أطاعت شكر لله تعالى ولم ير نفسّه أهلاً لذلك» وإن رآها تلطخت بمعصية من المعاصي أخذ في الندم والاستغفار» ثم يشكر الله تعالى إذ لم يقدر عليه أكثر من تلك المعصية» ولم يَبْتَل جوارحه التي عصت بالأمراض والجراحات والدمامل والقروح» فإن كل عضو استحق نزول البلايا به.

(1) عن ابن عباس قال: قال أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه لرسول الله ككلِِ: أراك قد شبت» قال: «شيّبتني: هودء والواقعة» وعم يتساءلون» وإذا الشمس كُورت» رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين» تفسير سورة هود؛ حديث رقم (3314) [374/2].

المنح السنيّة على الوصيّة المتبولية 73

فاعلم ذلك يا أخي والزم التوبة وأبغض الدنيا تبعاً لله تعالى» فإن الله تعالى لم ينظر إليها منذ خلقها لشدة بغضه لها. وفي الحديث: «حبٌ المال والسرف ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماءٌ البقلَ)”".

وقد كان أبو عبد الله سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول: لو أن عبداً عَبَدَ الله تعالى بجميع المأمورات إلا أنه يحب الدنيا إلا تُودي عليه يوم القيامة على رؤوس الجمع: «ألا إن هذا فلان ابن فلان قد أحب ما أبغض الحق تعالى»؛ فيكاد لحم وجهه يسقط . والمراد بالدنيا ما زاد على الحاجة الشرعية .

وكان أبو الحسن علي بن المزين رحمه الله تعالى يقول: «لو زكيتم رجلا حتى جعلتموه صديقاً لا يعبأ الحق تعالى به وهو يساكن الدنيا بقلبهء فقيل له: فإذا ساكنها لأجل إخوانه وعياله وغيرهم من الملازم لينفقها عليهم» فقال: دعونا من هذه الزلقات» والله ما هَلْكُ من هلك من أهل الطريق إلا من حلاوة الغنى في نفوسهم. والله الذي لا إِلّه إلا هو إني لأعرف من يدخل عليه عرض الدنيا فيقسمه على حقوق الله تعالى فيصير ذلك مع براءة ساحته حجاباً قاطعاً له عن الله قا لو

وكان سيدي أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى يقول: لا يترقى مريد قط إلا إن صحت له محبة الحق تعالى» ولا يحبه الحق تعالى حتى يبغض الدنيا وأهلها ويزهد في نعيم الدارين.

وهال اأيفناة "كل سويد الشكا الناقيا والقى سال رترين عزل محف اعت لها كثرةً وقلّة» فيجب على المريد أن يرمي الدنيا من يده ومن قلبه أول دخوله في الطريق» ومتى تلقن على شيخ أو أخذ عليه العهد وهو يميل إلى الدنياء فلا بد أن يرجع من حيث جاء وترفضه الطريق. فإن أقل أساس يضعه المريد في الطريق الزهد في الدنياء فمن لم يزهد في الدنيا لا يصح له بناء شيء في الآخرة.

زهاق8 الذي ورد قوله كَليْو: االغناء يُنبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل» . رواه البيهقى في السئن الكبرى» باب الرجل يغني. . حديث رقم (20791) [10/ 223].

74 المنح السنئة على الوصيّة المتبُولية

وكان سيدي عبد القادر الجيلي رحمه الله تعالى يقول: من أراد الآخرة فعليه بالزهد في الدنياء ومن أراد الله تعالى فعليه بالزهد في الآخرة. وما دام في قلب العبد شهوة من شهوات الدنياء أو لذة من لذاتهاء من مأكولء أو ملبوس» أو منكوحء أو ولاية» أو رياسة» أو تدقيق في فن من فئون العلم الزائد عن العوفيء كزانة الحديث الآن وقراءة القرآن بالروايات السبع وكالنحو والفقه والفصاحة. فليس هذا محبّا في الآخرةء إنما هو راغب في الدنيا تابع لهواه.

وكان أبو عبد الله المغربي رحمه الله تعالى يقول: الفقير المجرّد عن الدنياء وإن لم يعمل شيئاً من أعمال الفضائل؛ أفضل من هؤلاء المتعبدين ومعهم الدنياء بل ذرة من عمل الفقير المجرّد أفضل من الجبال من أعمال أهل الدنيا .

وكان سيدي أبو المواهب الشاذلي رحمه الله تعالى يقول: العبادة مع محبة الدنيا شغل قلب وتعب جوارح» فهي وإن كثرت قليلة» ا صاحيهاء وهي صورة بلا روج وأنياج خالية غير حالية» ولهذا ترى كثيراً من أرباب الدنيا يصومون كثيراً ويصلُون كثيراً ويحجون كثيراً وليس لهم نور الزُهاد ولا حلاوة العبّاد. وحقيقة الزهد في الدنيا هو: ترك الميل إليها بالمحبة لا بخلو اليد من الدنيا لعدم نهي الشارع عن التجارة وعن عمل الجرف, ولا قائل بذلك.

وإنما درج جمهور الصحابة والتابعين على خلوٌ اليد من الدنيا ليقتدي بهم المحجوبون عن مشاهدة الأكابرء فلذلك أظهروا لهم الزهد في الدنيا بخلو اليد ونهوهم عن التبسّط في الدنيا خوفاً عليهم أن يدخلوا في محبتها فلا يهتدون بعد ذلك للخروج عن حبها والمزاحمة عليها. فإن الكاملين لا يشغلهم عن الله تعالى شيء في الكونين» بخلاف القاصرين.

فسلّم يا أخي لكل من تراه متجملاً بالثياب من القوم؛ إلا إن خفت على أتباعه أن يتبعوه مع الجهل بمشهده» فلك أن تنهاه عن ذلك خوفاً على تلامذته أو تأمره بأن يقول لهم: لا تقتدوا بي في حسن الملابس والمناكح والمراكب» فإن هذا ليس لكم الآنء هذا إن وُجد ذلك من مال حلال؛» وإلا فالإنكار على ذلك

المنح السنيّة على الوصية المتبُولية 75

الشيخ واجبء فافهم.

ثم لا يخفى أن الزاهدين ما زهدوا حقيقة إلا في ما لم يُقسم» وأما ما قسم لهم فلا يصح لأحد الزهد فيه بأن يتركه» وإنما الزهد فيه يكون بترك الميل إليه عادة بحيث لا يبخل به عن مستحقه ولا يشتغل به عن ربه. فاعلم ذلك يا أخي واترك المباحات طلباً لترقي المقامات العلية.

قال سيدي علي المرصفي رحمه الله تعالى: لا يصح لمريد قَدَّمّ في الإرادة حتى يترك فعل المباحات» ويجعل مكان كل مباح تركه مأموراً شرعياً من مندوب أو ولي» ويجتئب المباح كأنه منهئ عنه كراهة تنزيه. وقد أجمعوا على أن كل من مهد لنفسه ارتكاب الرخص دون العزائم لا يجيء منه شيء في الطريق.

وقال سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى: ما جعل الله تعالى المباح إلا تنفيساً لبني السيد آدم عليه الصلاة والسلام من مشقة التكليف حين ركب الله تعالى في ذواتهم الملل من التكاليف» ولو أن الله تعالى لم يركب في ذواتهم الملل لم يشرع لهم المباح كما فعل بالملائكة» لأنهم لا يعرفون للملل طعماًء فلذلك كانوا يسبّحون الليل والنهار ولا يفترون.

قال: ولما كان القوم من شأنهم الأخذ بالعزائم دون الرخص للترقي؛ كما هو معلوم من أحوالهم» طلبوا من المريدين العمل على تقليل المباحات جهدهم ريجعلون مكان ذلك طاعة يثابون عليهاء فإذا لم يجدوا طاعة نَوَوًا بالمباح من أكل وكلام خيراً كالتقوّي على العبادات بأكل تلك الشهوة وزوال العبوسة بمباسطة إخوانهم ببعض كلام ونحو ذلك .

وآخذوا المريد بالنوم من غير ضرورة» وبالأكل من غير جوع» وبالكلام من غير حاجة» وبمخالطة الناس إلا لضرورة» فأرادوا أن يثاب مريدهم ثواب 'لواجبات في سائر أحواله؛ فيأكل حين يجب عليه الأكل»؛ ويتكلم حين يجب عليه الكلام مثلاً. فإن نزل عن ذلك فلا ينزل عن الاستحباب فيأكل حين يُستحب الأكل» ويتكلم حين يُستحب الكلام.

وكذلك آخذوا المريد بالنسيان وبالأحلام في ليل أو نهار إلا لحاجة.

76 المنح السنية على الوصية المتبُولية

وآخذوه بالخواطر ولو لم تستقر. وآخذوه بأكل الشهوات المباحات لكونها توقفه عن الترقي. وفي زبور السيد داود عليه السلام: «يا داود حَذّرْ وانذر قومك أكل الشهوات فإن قلوبٌ أهل الشهوات محجوبة عني». وكما أن أكل الشهوات يطرد العبد عن حضرة الله تعالى» فكذلك مَدُ الرجل من غير حاجة بجامع سوء الأدب .

وقال أيضاً: لا يبلغ المريد مقام الصدق حتى يزيد في تعظيم أمر الله تعالى ونهيه» فيفعل المندوب كأنه واجب» ويجتنب المكروه كأنه حرام» ويجتنب الحرام كأنه كفرء وينوي بجميع المباحات خيراً ليئاب على ذلك» فينوي بالنوم في القيلولة التقرّي على قيام الليل» ويتناول بعض الشهوات للمداواة لنفسه إذا نفرت من العبادات بالكلية» فإن لسان حال النفس يقول لصاحبها: كن معي في بعض أغراضي وإلا صرعتك. وكذلك ينوي بلباس الثياب الفاخرة إظهار نعمة الله تعالى دون الحظوظ النفسانية: وكذلك يأكل الزبد من الطعام والبارد الحلو من الشراب لأجل استجابة أعضائه ليشكر الله تعالى بعزم.

وقد كان أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى يقول لأصحابه: كلوا من أطيب الطعام واشربوا من ألذ الشراب» وناموا على أوطأ الفراش» والبسوا لين الثياب» فإن أحدكم إذا فعل ذلك وقال: الحمد لله» يستجيب كل عضو فيه للشكر بخلاف ما إذا أكل خبز الشعير بالملح ولبس العباءة» ونام على الأرض» وشرب الماء المالح السخن وقال: الحمد لله فإنه يقول ذلك وعنده اشمئزاز وبعض سخط على مقدور الله تعالى. ولو أنه نظر بعين البصيرة لوجد الاشمئزاز والسخط الذي عنده يرجح في الإثم على من تمتع بالدنيا بيقين» فإن المتمتع بالدنيا فعل ما أباحه الحق سبحانه وتعالى» ومن كان عنده اشمئزاز وسخط فقد فعل ما حرّمه الحق عز وجل .

وافعل ذلك يا أخي واحذر من دقائق الرياء خوفاً من ضياع الأجور وظلمة القلب» ومنها: استحلاء العبادة .

قال صاحب «الوصية»: سم قاتل محبط للعمل» ولولا شهود الضعفاء

المنح السنئّة على الوصية المتبُولية 7 تعظيم مقامهم عند الناس بسهر الليالي الكاملة ما استطاعوا سهر ليلة كاملة فضلاً عن دوام السهر. وقد أجمع العارفون على أن من علامة الرياء استحلاء العبادات» لأن النفس لا تستلذ لعبادة إلا إن وافقت هواها ولو أنها خلصت من الهوى لثقل عليهاء ومنها العمل لله تعالى ولشيء آخر.

قال سيدي عبد القادر الدشطوطي رحمه الله تعالى: عليك بإخلاص القصد لله تعالى» ولا تتهاون فى ذلك وترضى بتلبيس نفسك عليك تهلكء كأن يكون الباعث لك في فعل العبادات أمرين: فاني وباقي. وهذا من أصعب طرق الرياء على المبتدئين لأنه يشبه عليهم ويعسر عليهم الخلاص منهء بخلاف الرياء المجرد فإنه يُفهم بأدنى تأمل. قال: ولو غلب الباقي على الفاني فهو رياء .

وقول بعضهم: إذا غلب الباعث الباقي كان الحكم له إنما هو في حق العوام الذين لا يقدرون على سلوك الطريقء أما من يقدر على سلوك الطريق من العلماء العاملين فلا يسامح بمثل ذلك. ومثال الفاني والباقي أن يكون لك عند أمير أو مُعَظُّم حاجة وذلك الأمير أو المعظم يصلي الجمعة أو غيرها في الصف الأول أو في مكان معروف بهء فتتهجد في الصلاة إلى جانبه لتحصّل مرادك منه لا لتؤدي الفريضة في ذلك المكان على تلك الصفة.

ومن المعلوم أن الباعث على ذلك العمل هو ذاك القصد الأول لا قصد اتقان أمور الصلاة. وقد أجمعوا على أن توحيد القصد واجبء ليجعلوا لهم هما واحداً متعلقاً بواحد لا يشم من توحيد الحق تعالى رائحة.

ومنها: العبادة بقصد التقَربٍ من حضرة الله تعالى» فإن ذلك كالعمل بأجرة . قالوا: وهذه العلة أخفى العلل وربما ترقى صاحبها إلى قريب من حضرة الله تعالى فيال له: ارجع لست من أهلهاء إنما أهلها من يعبد الله تعالى امتثالا لأمره ووفاءً بواجب حقه تعالى.

ومنها: ادعاء المقامات قبل بلوغها أو بعد بلوغهاء ولم يؤذن لهم في إظهارها. ثم إن ذلك المدعي يعاقب بحرمان ما ادعاه فلا يناله بعد ذلك أبداً كما

00

جرب .

78 المنح السنيّة على الوصيّة المتبُولية

ومنها: محبة اطلاع الناس على العبادة وغيرها.

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى: مِنْ أَضَرٌ شيء على المريدين : الإكثار من الأعمال الصالحات يُحمد على ذلك إذ لا يزداد بكثرتها إلا طرداً ومقتأ. وهذا يخفى على كثير من المريدين» ومن هنا أوجبوا على المريد الإسرار بعمله حسب طاقته حتى يقوى ويتمكن.

وقال أيضاً: ربما يفعل المريد أمرأ يحمد عليه ولا يقصده فيظن أنه مخلص » والحال أنه مرائى . وذلك كأن يرد مثلاً ما يعطيه له الناس تعففاً فيحمده الناس على ذلك فيصغي إلى مدحهم فيرجع عمله إلى الرياء لو لم يقصد ذلك أولاً.

ومنها: ترك العمل من أجل الناس .

قال الفضيل بن عياض : ترك العمل من أجل الناس رياءء والعمل من أجل الناس شرك» والإخلاص أن يعافيك الحق تعالى منهما.

ومعنى ذلك : أن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراء لأنه تركها من أجل الناس» أما لو تركها ليفعلها في الخلوة فهذا مستحبٌ إلا أن تكون فريضة أو زكاة واجبة» أو يكون ممن يقتدى بهء فالجهر في ذلك أفضل .

ومنها: حكاية الأعمال الصالحات التي وقعت في أزمان مضت ولم يشعر بها أحد إلا لغرض شرعي» فإن حكايتها بغير غرض شرعي يردّها إلى صورة

ومن وصيّة سيدي على الخواص رحمه الله تعالى لأصحابه: احذروا من صادقة بأنه لا يعود يُسمع أحداً من الناس بعمل من أعماله» إذ التوبة الصادقة تمحو تلك الزلّة» فإذا تاب كذلك رجع العمل صحيحاً بمشيئة الله تعالى» ومثل ذلك كمثل رجل كان صحيح الجسم» ثم طرأ عليه مرض أفسد صحته فاستعمل

المنح السنية على الوصيّة المتبُولية و7

دواءً نافعاً فأزال الله تعالى به ذلك المرض وعاد الجسم بفضل الله تعالى حال صحتهء فعُلم أن للتسميع دواء بخلاف الرياء لأنه يفسد العمل من أصله.

ومنها: قطع المزح المباح إذا دخل من يُستحيى منه» وقد كان الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى يقول: لو قيل: إن أمير المؤمنين داخل عليك الساعة فسويت لحيتي بيدي لخفت أن أكتب في جريدة المنافقين. فلا تقطع يا أخي المزح المباح لأجل داخل عليك إلا بنيّة صالحة فإن خرق ناموس العبد عند من يستحيى منه أولى من ارتكابه صفة النفاق .

ومنها: الزيادة في الإطراق والخشوع لدخول أحد من الأكابر وغيرهم .

وقد كان سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى يقول: إذا دخل على أحدكم أمير وفي يده سبحة يسبّح بها فلا يُدِمْها في يده إلا بنيْة صالحة» وليحذر من أن يكون جالساً يضحك وهو غافل عن الله تعالى فيدخل عليه أمير فيأخذ السبحة بيده فيسبح بها إلا بنيّة صالحة هروبا من الوقوع في الرياء المحبط للأعمال. انتهى .

ودقائق الرياء كثيرة مذكورة في كتب القوم» فاعلم ذلك يا أخي. واحذر أيضاً من أذى الخلق إنه من السموم القاتلة. قال الإمام سهل رحمه الله تعالى: إنما حجب الخلق عن الوصول ومشاهدة الملكوت بشيئين: سوء الطعمة. وأذى الخلق. وقال أيضاً: أصولنا سبعة: التمسك بكتاب الله تعالى: والاقتداء بسيدنا رسول الله يله وأكل الحلال» واجتناب المعاصيء والتوبة» وأداء الحقوق. وكف الأذى على نوعين:

أحدهما: كف أذى الجوارح الظاهرة.

انيهما: كف القلب عما يخطر فيه من سوء الظن بالناس» فإنه من السموم القاتلة» ولا يشعر به كل أحد لا سيما سوء الظن بالأولياء والعلماء وحملة القرآن .

وفي وصية سيدي علي بن وفا رحمه الله تعالى: إياكم» أيها المريدون» أن

50 المنح السنية على الوصية المتبوليّة

تقعوا في حق أحد من أقران شيخكم فإن لحوم الأولياء سم ولو لم يؤاخذوكم. وإياكم ثم إياكم من الاستهانة بغيبة أحد ولو لم تبلغه تلك الغيبة بل خافوا منها أكثر مما تخافون إذا بلغته فإنه وليّه الله . انتهى .

فاعلم ذلك يا أخيء واحذر أيضاً من أكل غير الحلال» فإن أكل غير الحلال يقسي القلب ويظلمه ويحجبه عن دخول حضرة الله تعالى ويخلق الثياب .

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لو أن عبد عَبَّد الله تعالى حتى صار مثل هذه السارية» ثم إنه لم يدر ما يدخل جوفه أحلال أم حرام ما تقبل منه.

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى: أطب مطعمك وما عليك بعد ذلك أن لا تصوم النهار ولا تقوم الليل» يعني نفلاً.

وقال أبو بكر الترمذي رحمه الله: ما مُنع القوم من الوصول إلا الاستدلال بغير الدليل» والركض في الطريق على حد الشهوة» وأكل الحرام والشبهات.

وقال الإمام سهل رحمه الله : من لم يكن مطعمه من حلال لم يكشف عن قلبه حجاب» وتسارعت إليه العقوبات» ولا تنفعه صلاته ولا صيامه ولا صدقته .

وقال الإمام سفيان: عليكم بأكل الحلال وإياكم وأكل الحرام» فإني كنت وأنا آكل الحلال أقرأ الآية فيفتح لي سبعون باباً من العلم» فلما أكلت من طعام من لا يتورع صرت أقرأ الآية وأرددها فلا يُفتح لي باب واحد.

وقال الشيخ علي الشاذلي رحمه الله تعالى: من أكل الحلال لأنّ قلبُه وَرَقَ ونَارَه وقل نومهء ولم يحجب عن حضرة الله تعالى. ومن أكل غير الحلال قسا قلبه وغلظ وأظلمء وحجب عن حضرة الله تعالى» وكثر نومه. وذلك من جملة رحمة الله تعالى لأن أكل غير الحلال يحرك الأعضاء للمعاصي فيطلب كل عضو منه أن يعصيء» فيتفضل الله عليه بالنوم ليريحه من المعاصي كما أنه يتفضل على الطائع بأكل الحلال ليقيمه بين يديه ليلا ونهاراً.

وقال سيدي علي الخَرّاص: من أكل الحرام وأطال العبادة» فهو كالحمام الذي رقد على بيض فاسد» فهو يتعب نفسه في طول المقام ثم لا يفرخ شيئاء

المنح السنيّة على الوصية المتبُولية 81

بل يخرج مِذَراً.

ومن مفاسد أكل الحرام: استحالته نارأ» فيذهب شجية الفكر ولذة الذكرء ويحرق نبات إخلاص النيّات» ويعمي البصيرة» ويظلم البصرء ويوهن الدين والبدن والعقل» ويورث الغفلة والنسيان» ويمنع من ذوقات الحكم والمعارف. وأطال في ذلك» ثم قال: وبالجملة: فجميع المعاصي التي يفعلها العبد إنما سببها أكل الحرام» فمن أكل الحرام وطلب أن يعمل الطاعة فقد رام المحال.

تنبيه: يجب على من أكل شيئاً ثم وجد بعده علامة من علامات الحرام أن يأخذ فى القىء إن أمكنهء وإلا أخذ فى التوبة والاستغفار.

ومن العلامات: أن يكون للشرع على ذلك الطعام اعتراض من حيث وة اليد.

ومنها: وجود الظلمة فى القلب. والثقل فى الطبيعة» حتى كأن من أكله أكل رصاصاً.

ومنها: أن يقوم من النوم فيمكث ساعة حتى يستيقظ كما يقع لمن يأكل الريا.

ومنها: أن تلعب النفس فيتقاياه قهرأً عليه من غير معالجة.

فاعلم ذلك يا أخي» ولا تغفل عن تفتيش هذه اللقمة فإنه القطب.

ولا تأكل طعام من لا يتورع في كسبه» ولو أنه غضب منك لا تلتفت إليه؛ ولا لقوله: كسرت خاطرنا. وهذا الأمر قل من يتنبه له من مشايخ هذا العصر بل بعضهم يأكل من طعام المساكين» ولما لاموه قال: خفت أن أكسر خاطره. وما ميد الحق تعالى بشيء أفضل من جبر الخواطر. وهذا من الجهل بقواعد الشريعة. ولا فرق بينه وبين من عزم عليه شخص بأن يشرب معه الخمرهء فلو قال: إنما شربت جبراً لخاطره» حددناه ولم نقبل له عذراً وحكمنا بفسقه.

فاعلم ذلك يا أخي» واحذر أيضاً من الحياء الطبيعي فإنه معدود من جملة الكبر عند القوم؛ وقد أشار سيدي عمر بن الفارض رحمه الله تعالى بقوله:

52 المنح السنئة على الوصية المتبولية

تمسك بأذيال الهوى واخلع الحيا ويل سبيل التاسكين وإن اجلوا

وهو أي الحياء الطبيعي ‏ أن يستحيي الشخص أن يذكر الله تعالى برفع الصوت بحضرة الناس. وأكثر من يترك ذلك بحضرة الناس: أصحاب الأنفس كالعصاة والمباشرين والشيوخ ونحوهمء فإذا كُلُْف أحدهم أن يذكر الله تعالى بحضرة الناس حصل عنده خجل كأنه ارتكب معصية. فمثل هؤلاء يجب عليهم الذكر برفع الصوت حتى يخرجوا عن الكبر.

وكان سيدي محمد رحمه الله تعالى يأمر أصحابه برفع الصوت بالذكر في الأسواق والشوارع والمواضع الخربة المهجورة» ويقول: اذكروا الله تعالى في هذه الأماكن حتى تصير تشهد لكم يوم القيامة» وتخرقوا ناموس طبع النفس الحواني عا ال رتو

فاعلم ذلك يا أخي واحذر أيضاً من غش الحرفة» فإن الغش في الحرفة مذموم شرعاًء وقد روى مسلم في «صحيحه؟ عن أبي هريرة أن النبي كَلِْ مر في السوق على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت بللا فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» فقال: يا رسول الله أصابته السماءء قال: «أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس». ثم قال يكّهِ: «من غشنا فليس منا)”". انتهى .

ومعلوم أن كل إنسان يعرف في حرفته ما يقع به التقوى وما به يقع الغش» وقد جعل الله تعالى العبد أمينا على نفسه في حرفتهء فإذا غش خان دينه ونفسه والناس أجمعين. وقد قالوا: كل من نصح في حرفته ولم يعتمد عليها بارك الله له في ماله من حيث لا يشعر حتى يصير من أوسع الناس مالأء ومن غش حرفته اتكشف» حاله وتبددت بركته وصار عن قريب يضرب به المثل في الخمول؛ لأن الله تعالى جعل الفقر في الغش والبركة في التقوى.

وقد حث المشايخ سلفاً وخلفاً على عمل الحرفة تبعاً للقرآن العظيم والسئّة الشريفة» وأشهدهم في ذلك السادة الشاذلية» فكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي

(1) صحيح مسلم» باب قرول النبي يلك : «من غشنا فليس مناه حديث رقم ( 1 102) [1/ 99].

المنح السنيّة على الوصيّة المتبولتة 83 مجاهداته .

وكان الشيخ أبو العباس المرسي رحمه الله تعالى يقول: عليكم بالسبب وليجعل أحدكم مكوكه سبحته» وقدومه سبحته) والخياطة سبححته ) والسفر

وقد أجمع العلماء على أن الكسب واجب وجوباً مؤكداً ملحقاً برتبة الإيمان» ومعلوم أن من لا كسب له فهو كالمرأة لا حظ له في الرجولية.

وكان صاحب «الوصية» رحمه الله تعالى يقول في حكم الفقير الذي لا حرفة له» حكم البومة الساكنة في الخراب ليس فيها نفع لأحد.

ولما ظهر رسول الله يد بالرسالة لم يأمر أحداً من أصحابه بترك الحرفة التي بيده بل أقرهم على جرّفهم وأمرهم بالنصح فيهاء وكان يقول: «الكامل من يُسَلّك الناس وهم في حرفهم لا من يأمرهم بترك الجرفة حتى يسلكهم». فإنه ما من أمر مشروع إلا ويمكن العارف أن يوصّل صاحبه إلى حضرة الله تعالى منه بخلاف الأمور التي لم تشرع. وكان يقول: «المؤمن أكمل عندي من المجاذيب من مشايخ الزوايا الذين يأكلون بدينهم وليس بيدهم حرفة دنيوية تعفهم عن صدقات الناس وأوساخهم». وقد أكرم الله تعالى المحترفة بأمور مُضّلوا بها على المتعبدين من غير حرفة:

الأول: أن أعمال أحدهم له لكونه يأكل من كسبه لا من صدقات الناس وأوساخهم.

الثاني : عدم دعواه العلم وتكبره على الجاهلين» فيشهد حقارة نفسه وتعظيم غيره.

الثالث: سلامته من الشبه العقلية فى الله تعالى وفى رسله وأحكامه .

الرابع: إذا وقع في معصية يصير يشهد قبحها لا يرى أنه فعل شيئاً يكفرهاء وغير ذلك .

54 المنح السنيّة على الوصية المتبُولية

وكان سيدي علي الخواص يقول: عدي أن الذي بأكل هن كننيه ولو مكروهاً كالحجام والتنواني”! أحسن من المتعيد الذي يأكل بدينه ويطعمه الناس بصلاحه. اه

ثم لا يخفى أن الكسب للتكائر والتفاخر مذموم شرعاً؛ وفي الحديث: «من طلب الدنيا حلالاً مكائراً مفاخراً لقى الله تعالى وهو عليه غضبان:01©. وكان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: طلب الزيادة من الحلال عقوبة ابتلى الله بها أهل التوبة. فاعلم ذلك وجاهد نفسكء» أي خواطرهاء في الشرع .

قال الإمام سهل رحمه الله تعالى: أسوأ المعاصي حديث النفس ولعل غالب الناس لا يعدون ذلك ذتباًء وإذا اتقى المريد الإصغاء إلى حديث النفس وكان ناواذها للذكر اتقد القلب بالذكر وصار القلب 77 محفوظاء وهناك يبعد عنه الشيطان كل البّعد ويبعد عن العبد الخواطر الشيطانية» ولا يصير معه إلا خواطر نفسانية يسعى في قطعها بميزان العلم. اه

فاعلم ذلك يا أخي وجاهد نفسك بالجوع بطريقه الشرعي» وهو: تقليل الأكل شيئاً فشيئاء وقدم الجوع على غيرهء لأنه معظم أركان الطريق» ولانة لعن للنفس في بداية أمرها شيء أسرع لانقيادها من الجوعء لأنه مذل الملوك فضلاً عن غيرهم» ولأنه يحل من الأجزاء الترابية والمائية بقدر ما يكون» فيصفو القلب»ء لد حي ا 0 ا أن الله ل قال لها: من أنا؟ 7 من أنا؟ فأسكنها في بحر الجوع ألف سنة» ثم قال تعالى: من أنا؟ فقالت: أنت ربي

(1) القائم توظيفة إجراء الماء.

2( مو ا ل ل ا برقم (3465) [4/ 0] ونصه كاملا : عن مكحول» » عن أبي هريرة» قال: قال رسول الله كي : «من طلب الدنيا حلالاً استعفافاً عن المسألة وسعياً على أهله وتعطفاً على جاره. جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر. ومن طلب الدنيا حلالاً مكائراً لقي الله وهو عليه غضبان».

المنح السنيّة على الوصية المتبُولية 85

وكان الشيخ أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول: مفتاح الدنيا الشبع» ومفتاح الآخرة الجوع» يعني أعمالهاء ولما خلق الله الدنيا جعل في الجوع العلم والحكمة؛ وجعل في الشبع الجهل والمعصية.

وكان يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى يقول: الشبع نار» والشهوة مثل الحطب. يتولد منه الإحراق ولا تنطفىء ناره حتى تحرق صاحبها.

وكان سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى يقول: من أراد أن يأكل من اليوم مرتين قَلْيبْنِ له معلفا .

وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: من أراد أن يغر الشيطان من

وأقاويل السلف في ذلك كثيرة» فاعلم ذلك يا أخي وجاهد نفسك بالجوع والسهر المفرطين» وإتعابها في الأعمال الشاقة تعذيباً لها لتنقاد لك إذا دعوتها لمرضاة الله تعالى» وذلك لأنها قبل الرياضة تشبه الدابة الحرون» وكالعجل الذي يعلمونه الطحن في الطاحون» فتراهم يجوعونه ويغمون عينيه ويدورونه بالضرب في الطاحون أو غيرها على الفارغ» فلا يزال كذلك حتى يظهر لهم منه كمال الانقيادء فهناك يطعمونه ويفكون الخماء عن عيئيه. فاعلم ذلك يا أخي وقلل النوم ما أمكنك لأنه ليس فيه فائدة دنيوية ولا أخروية فهو أخو الموت» وقد عدوا من اتباع الهوى إيثار النوم على قيام الليل في مثل ليالي الصيف. وذلك دليل على عدم محبة الحق تعالى. وقال: السهر الدائم يذيب الأركان الأربعة ويحلها: الماء؛ والتراب» والهوى» والنار. وهناك ينظر إلى عالم الملكوت فيشتاق إلى مرضاة الله تعالى.

وكان الشيخ أبو الحسن العزاز رحمه الله تعالى يقول: بُنِيَ هذا الأمر على ثلاثة أشياء: أن لا يأكل إلا عند الفاقة» ولا ينام إلا عند الغلبة» ولا يتكلم إلا عند الضرورة.

وكان ابن الحواري رحمه الله تعالى يقول: كل مريد لا يكون فيه ثلاث خصال فهو كذاب: ترك المال والطعام والمنام» فلا يأخذ من كل واحد إلا بقدر

86 المنح السنيّة على الوصية المتبُولية

الضرورة»؛ وهناك يصلح لمجالسة الحق تعالى» فما كل ذاكر مجالس . انتهى . فاعلم ذلك يا أخي والْرّم العزلة» فإنَّ فيها خير الدنيا والآخرة.

أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله

تعالى»» قال: ثم من؟ قال: الاثم رجل معتزل فى شعبٍ من الشعاب يعبد ربه

ويدع الناس من شرّه)”” .

بدنه ويقل غمه فليعتزل الناس. ويؤيده حديث: «ليأتين على الناس زمان لا يسلم

لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن خجر

إلى خجر كالثعلب الذي يزوغ»”2 . وكان الشيخ أبو بكر الوراق رحمه الله تعالى يقول: ما ظهرت الفتنة من

عهد السيد آدم عليه الصلاة والسلام إلى وقتنا هذا إلا من الخلطة» ومن بجَانبَ

الناس كان إلى السلامة أقرب. وقد أجمعوا على أنه لا بد للمريد عن العزلة عن أبناء جنسه في البداية» ثم من الخلوة في وسط الطريق» ثم من الخلطة في

التهاية . وكان سيدي الشيخ محمد المنير رحمه الله تعالى يقول: قد غلط قوم فظنوا

أن من اعتزل عن الناس خرج عن كون المؤمن إلف مألوف» والحالة أنها أولى

(1) رواه البخاري برقم (6129) [2381/5] باب العزلة راحة من خلاط السوء» ومسلم برقم (1888) [3/ 1503] باب فضل الجهاد والرباط .

2( رواه البيهقي في كتاب الزهد الكبير» فصل في ترك الدنيا. . ٠.‏ حديث رقم (439) [2/ 3] ونصه كاملا: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله يه : اليأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من هرب بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجرء فإن كان ذلك كذلك لم تنل المعيشة إلا بسخط الله فإذا كان كذلك كان هلاك الرجل على يدي زوجته وولده. فإن لم يكن له زوجة ولا ولد كان هلاكه على يدي أبويه» فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي قرابته أو الجيران». قالوا: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «يعيرونه بضيق المعيشة فعند ذلك يورد نفسه الموارد التى

المنح السنئّة على الوصية المتبُولية 57 بمقام الإلفة لأنه إذا اعتزل الناس صفت نفسه واشتاقت الناس إلى رؤيته» فَألِقُوه أكثر من المخالط؛ وأصل الائتلاف إنما هو بالروح لحديث: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اخنتلف2176. اه.

فعلم مما قررناه أنه لا يقال: العزلة أفضل مطلقاًء ولا الخلطة أفضل مطلقاً؛ لكن العارف أواخر عمره يحنٌ إلى الوحدة كالبداية فلا يصير له وقت يسع الناس كما وقع له يَخْ أواخر عمره حين أنزلت عليه سورة (النصر).

وسئل سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى عن الفرق بين العزلة والخلوة» فقال: الخلوة تكون عن الأغيار الذين يشغلون عن الله تعالى» والعزلة تكون عن النفس وما تدعو إليه. ويفرق أيضاً بأن العزلة ليس من لوازمها الاشتغال بالله تعالى بخلاف الخلوة. فاعلم ذلك يا أخي والزم الصمت إلا لضرورة شرعية . قال عليه : لمن سره أن يسلم فليلزم العو

وكان الأستاذ القشيري رحمه الله تعالى يقول: إنما آثر القوم السكوت لما علموا أن الكلام من الآفات ثم لما فيه من حظ النفس وإظهار صفات المدح

وكان الشيخ أبو بكر بن عياش رحمه الله تعالى يقول: كثرة الكلام تنشف الحسنات كما تنشف الأرض بعد الماء.

وكان الفضيل رحمه الله تعالى يقول: من عد كلامه من عمله قلَّ كلامه؛ وما ورثوا الحكمة إلا بالصمتء؛ والتفكر والورع في النطق أشد منه في اللقمة

(1) رواه البخاري فى صحيحه؛ باب الأرواح جنود مجندة» حديث رقم (3158) [3/ 3+ ورواه مسلم في صحيحه؛ء باب الأرواح جنود مجندة؛ حديث رقم (2638) [2031/4]» ورواه غيرهما.

(2) رواه الطبراني في المعجم الأوسط» باب من اسمه إيراهيم» حديث رقم (1934) [2/ 4+ ورواه أبو يعلى في المسندء عن أنس» حديث رقم (3607) [6/ 21290 ورواه غيرهما.

58 المنح السنية على الوصية المتبُولية

وقد أجمعوا على أن الأنوار الربانية تخرج من قلب المريد إذا تكلم بلغو ويصير قلبه مظلماًء وأنه متى انهدم ركن من أركان الطريق تبعه الباقي. وذكروا أن معظم الأركان أربعة: الجوع» والسهرء والعزلة: والصمت»ء وما زاد على هذه فهو من التوابع . وأنشدوا: بيت الولاية قسمت أركانه اذا تهنا يه في الأيدال ماابي معنت وافجيوال اقم والجوع والسهر النزيه الغالي”© فاعلم ذلك يا أخي ولا تترك قيام الليل فإنه نور للمؤمن في يوم القيامة يسعى من بين يديه ومن خلفه. وفي كلامهم: من طال وقوفه بين يدي الله تعالى في الظلام ثبّت الله تعالى قدميه على الصراط يوم تزلزل الأقدام . وقد روى مسلم في 2 «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل»). وروى البيهقي”" والنسائي”: «يحشر الناس في صعيد واحد يوم القيامة فينادي مناد فيقول: أين الذين كانوا تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ فيقومون - وهم قليل ‏ فيدخلون الجنة بغير حساب؛ ثم يؤمر بسائر الناس إلى الحساب». وروى الترمذي””* : «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم» ومكفرة السيئات ومنهاة عن الإثم». وفي رواية للطبراني”؟': «ومطردة الداء عن الجسد».

(1) لم أقف على قائل هذه الأبيات.

(2) باب فضل صوم المحرم» حديث رقم (1163) [1821/2.

(3) في شعب الإيمان. حديث رقم (3244) [3/ 169].

)04 لم أقف على رواية النسائي فيما لدي من مصادر ومراجع .

(5) في سننه؛ باب في دعاء النبي كَقِيْةِِ حديث رقم (3549) [552/5]» ورواه غيره.

(6) في الكبيرء عن سلمان الفارسي» حديث رقم (6154) [6/ 258]» ونصه كاملاً: عن أبي العلاء؛ عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله كك : «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ومقربة لكم إلى الله عزَّ وجل ومكفرة للسيئات» ومنهاة عن الإثم؛ ومطردة الداء عن الجسد؛.

المنح السنئة على الوصية المتبوليّة 89

وروى ابن أبي الدنيا والبيهقي”: «أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل» .

وروى الطبراني في «الكبير؛: «من بات ليلة في خفة من الطعام والشراب يصلي تداركت حوله الحور العين حتى يصبح»2.

وكان سيدي أحمد بن الرفاعي رحمه الله تعالى يقول لأصحابه: عليكم بالقيام في الثلث الاخر من الليل ولا تفرطوا في ذلك» إنه ما من ليلة من ليالي السنة إلا وينزل فيها رزق من السماء فيفرق على المستيقظين ويحرم منه النائمون» وقد أوحى الله تعالى إلى السيد داود عليه الصلاة والسلام: يا داود كذب من ادّعى محبتي فإذا جنّه الليل نام عني .

وكان سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى يحث أصحابه كثيراً على نيّة قيام الليل ويقول: إن الشارع قد رئب الثواب على النيّات لا على العمل» فمن عزم خيراً ولا يقسم له أعطاه الله تعالى أجر نيّتهء فإنه قال في الحديث: «إنما لكل امرىء ما نوى»”2» ولم يقل: لكل امرىء ما فعل. فَعُلمِ أن من واظب على ترك قيام الليل فليس له في طريق الصالحين نصيب. وتأمل يا أخي أن من يعكس في حضوره موكب السلطان كيف يقطعون جامكيته”” تبصرة وذكرى لأولى الألباب.

فاعلم ذلك يا أخي ولا تترك قيام الليل» فقد ورد في الحديث: «إن أم السيد سليمان عليه الصلاة والسلام قالت: يا بني لا تترك قيام الليل فإن ترك قيام الليل يدع الرجل فقيراً يوم القيامة» وليكن ‏ أي قيام الليل ‏ في بيتك لما ورد: صل في زوايا بيتك يكن نور بيتك في السماء كنور الكواكب والنجوم لأهل الدنيا .

(1) في شعب الإيمانء فصل في تنوير موضع القرآن. . .. حديث رقم (2703) [2/ 556].

(2) رواه البخاري في صحيحه في أبواب عدة منها: باب بدء الوحيء حديث رقم (1[)1/ 3 ورواه أبو داودء باب فيما عنى به الطلاق والنيّات؛ حديث رقم (2201) [262/2] ورواه غيرهما.

(3) الراتب الشهري أو المكافأة المالية التي يأخذ الجندي والمدرّس والعامل وغيرهم .

50 المنح السنيّة على الوصية المتبُولية وفى «الصحيحين»)”': أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة . وقال بعض السلف: إن فضل صلاة النافلة في البيت كفضل الفريضة في

المسجد. ْ وعن أبي الجلد قال: لقي عيسى عليه الصلاة والسلام إبليس فقال له: يا

إبليس أسألك بالحي القيوم ما الذي يسلّ جسمك ويقطع ظهرك؟ فقال إبليس: يا الخيل في سبيل الله تعالى» وأما الذي يقطع ظهري فصلاة الرجل الفريضة في

مسجده والنافلة فى بيته. فاعلم ذلك يا أخي ولا تشرع في قيام الليل إلا بعد انقضاء النصف الأول

من الليل» وذلك لأن نصب الموكب الإلهي لا يكون إلا بعد دخول النصف

الثاني من الليل وهو أول وقوف كبراء الحضرة الإلهية. ومن الأدب أن لا يقف العبد بين يدي سيده إلا بعد وقوف من هو أكبر منه عادة وعلى ذلك أهل حضرة

ملوك الدنيا فلا يقف الأذوَّنُ إلا بعد وقوف الأكبر. وقد كان سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى إذا جاء إلى الجامع لصلاة

الصبح ولم ير في الجامع أحداً يقف على بابه خاضعاً ذليلاً ويقول: مثلي لا

يدخل إلى حضرة سيده الخاصة إلا تبعاً لغيره. تنبيه : ينبغي لمن ثقل عليه قيام الليل وترادف عليه الكسل أن يفتش نفسهء

وحسب وحسلك ومكر وحب ميحمدة ودنياء» وغير ذلك» فيبادر إلى التوبة من مثل

ذلك. وإلا فعل الأمور المكفرة للذنوب» فإن الذنوب إذا كفرت عن العبد فقد طهّرت ذاته» وما بقي مانع من الوقوف بين يدي ربها في تلك المواكب الشريفة

(1) البخاري ومسلم: البخاري برقم )698(‏ (5762) [16860؛ ومسلم برقم (781). وروى الحديث غيرهما.

المنح السنئة على الوصية المتبُولية 91

وكان سيدي أفضل الدين رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته إذا وجد فى قلبه شيئاً من الأمراض الباطنية يترك قيام الليل ويقول: أستحيي أن أقف بذاتي المتلطخة بالقذر بين أصفياء الله تعالى. وكان بعضهم إذا نام عن حضور الموكب الإلهي في ليلة من الليالي يقول: لك الفضل يا رب الذي لم توقف هذه الذات النجسة القذرة بين أهل حضرتك الطاهرين المطهرين .

قلت: وهذا وإن كان فيه خير كثير من جهة هضم النفس» فينبغي للعبد أن يندم ويحزن على فوات حظه من الوقوف بين يدي ربه تعالى في تلك المواكب الشريفة وقت تفرق الغنائم .

فاعلم ذلك يا أخي ولا تترك أيضاً صلاة الجماعة؛ فقد قالوا: ما اجتمعوا جماعة إلا وفيهم ولي لله تعالى يشفعه الله تعالى في رفقته .

وثبت في (اصحيح نسل" عن أبي هريرة: أن زضيلة أعييد الفينا لين النبي مَلِْدّءِ فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أضالى فى افيف ؟ فرخص له فلماولى دعاه فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم» قال: «فأجب».

وقد كان السلف يعدون فوات صلاة الجماعة مصيبة» وقد وقع أن بعضهم خرج إلى حائط له يعني حديقة نخل ‏ فرجع وقد صلى الناس صلاة العصر فقال: نا لله فاتتني صلاة الجماعة» أشهدكم على أن حائطي علي للمساكين صدقة.

وفاتت عبد الله بن عمر رضى الله عنهما صلاة العشاء فى الجماعة» فصلى تلك الليلة حتى طلع الفجر جبراً لما فاته من صلاة العشاء في الجماعة. صلاة في الجماعة؛ فنزل بي ضيف فَشَّطْطْتٌ2 بسببه عن صلاة العشاء في

(2) شت الدار: بَعُدت. وأَشَطْ في القضية أي: جار. وأَشّْط في السوم: أبعد. وشططت

92 المنح السنيّة على الوصية المتبُولية

المسجدء فخرجت أطلب المسجد لأصلي فيه مع الناس فإذا المساجد كلها قد صلى أهلها وغلقت» فرجعت إلى بيتي وأنا حزين على فوات صلاة الجماعة فقلت: ورد في الحديث: رذ معؤة اليناف دري عان إصرلاة اقل منكفا وعشرين"2» فصليت العشاء سبعاً وعشرين مرة ثم نمت فرأيتني في المنام على فرس مع قوم على خيل وهم أمامي وأنا أركض فرسي خلفهم فلا ألحقهم. فالتفت إليّ واحد منهم وقال: تتعب فرسك فلست تلحقناء فقلت: ولِمَ يا أخي؟ قال: لأنّا صلينا العشاء في الجماعة وأنت قد صليت وحدك. فاستيقظت وأنا مهموم حزين.

وقال بعض السلف: ما فاتت أحداأً صلاة الجماعة إلا بذنب أصابه» وقد كانوا يعزون أنفسهم سبعة أيام إذا فاتت أحدهم صلاة الجماعة». وقيل ركعة. ويعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى مع الإمام .

فاعلم ذلك يا أخي وتباعد عن الوقوع في مظالم العباد مطلقاً لأنه ديوان لا يتركه الله تعالى. وأما ظلم العبد لنفسه بارتكاب المعاصي دون الشرك بالله تعالى وإن كان هو يرجع إلى ظلم النفس أيضاًء فإنه ديوان لا يعبأ الحق تعالى به يغفر التَوية:

قال سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى: مظالم العباد على ثلاثة أقسام : قسم يتعلق بالنفوس» وقسم يتعلق بالأموال» وقسم يتعلق بالأعراض .

فأما النفوس: فلها أحكام عديدة في مثل قتل العمد والخطأ ووجوب القود والدية والكفارة وغير ذلك مما هو مذكور في كتب الفقه.

وأما الأموال: فإنه لا بد من ردها إلى المظلوم أو وارثه» وإن تعذر ذلك لم يبق غير التصدق بها عن صاحبها على مذهب من يرى ذلك» فإن عجز عن رد المظالم فليستكثر من الحسنات التي يُوفّى منها الغرماء عند الميزان وإلا فليتأهب

(1) رواه النسائي في السنن الكبرى» فضل الجماعة؛ حديث رقم (913) [1/ 295]» ورواه ابن حبان في صحيحه. ذكر ما فضل صلاة الجماعة على صلاة المرء منفرداًء حديث رقم (2053) [5/ 403] ورواه غيرهما.

المنح السنيّة على الوصية المتبولية 53

لتحمل أثقال المظلوم وأوزاره يوم القيامة كما ورد في «الصحيح»: أن من كانت له حسنات أخذ من حسناته وأعطى المظلوم» ومن لم يكن له حسنات طرح عليه من سيئات المظلوم وكتب له كتاب إلى النار.

وأما الأعراض: فقد ذكر بعض محققي الأئمة فيها تفصيلاً حسناً لعله أحوط الوجوه في هذا الباب؛ وهو: أن تلك المظلمة إن كانت غيبة أو نميمة فلا يخلو الأمر فيها من أحد حالين: إما أن تكون قد بلغت المظلوم أو لم تبلغه. فإن بلغت تعين التحلل منهاء وإن لم تبلغه كان تبليغها له أذىٌ جديداً فيورث من الحقد وانقطاع المودة ونحو ذلك ما هو أصعب من تلك المظلمة» فالطريق في ذلك كثرة الاستغفار له دون تبليغه وطلب التحلل منه.

ثم لا يخفى عليك يا أخي أن من الذنوب ما يشتبه أمره من جهة كونه من مظالم النفس أو مظالم العباد» وكالزنا واللواط مثلاء فإن الأمر في ذلك يحتاج إلى تفصيل ليظهر بواسطة وجه الصواب. وهو أن يقال: إن كان المفعول به مبذولاً كانت تلك المظلمة من مظالم النفسء وإن كان الفاعل قد راوده وعاوده كان ذلك من مظالم العباد الصعبة لأنه آذى تلك الصورة وقهرها وجرها إلى المعصية. ومن سن سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة . وأيضاً فإنه هتك عرضها وأذى أهلها وحملهم العار وغير ذلك.

تنبيه : الأعراض أشد من الأموال. قال العلماء: لو أن شخصاً أخذ مال شخص ثم تورع فجاء به بعد موته إلى ورثته وإلى جميع أهل الأرض فجعلوه في حل ما كان في حل» فعرض المؤمن أشد من ماله.

ومن كلام الشيخ أبي المواهب الشاذلي رحمه الله تعالى: مما يوقف المريد عن الترقي وقوعه في غيبة أحد من المسلمين» ومن ابتلى بوقوعه في ذلك فليقرأ الفاتحة وسورة الإخلاص والمعوذتين ويجعل ثوابهن في صحائف ذلك الشخصء فإني رأيت رسول الله يك في المنام وأخبرني بذلك وقال: «إن الغيبة والثواب يقفان بين يدي الله تعالى وأرجو أن يتوازنا».

فاعلم ذلك يا أخي وأكثر من الاستغفار تبعاً للقرآن العظيم. وفي الحديث

54 المنح السنية على الوصية المتبُولية

من رواية «البخاري)29 : «إني لأستغفر الله تعالى وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة». ولمسلم”": «وإنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة». ولخ هينان77 + #إنا كنا التعنه لرسول اله كك فى المكلين الواحد .رب

اغفر وتب عليّ إنك التواب الرحيم» ماثة مرة». وفي وصية سيدي أبي الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى: عليك بالاستغفار

وإن لم يكن هناك ذنب» واعتبر باستغفار المعصوم الأكبر يك بعد البشارة واليقين

بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وينبغي كثرة الاستغفار عند أول الليل وآخره» وأول النهار وآخرهء لحديث

ابن ماجه”': «ما من حافظين يرفعان إلى الله تعالى في يوم صحيفة فيرى في أول

الصحيفة وفى آخرها استغفاراً إلا قال الله تعالى: قد غفرت لعبدي ما بين طرفى

الصحيفة . فطوبى لمن وجد فى صحيفته استغفاراً كثيراً» . وعند توقف الرزق لحديث ابن حبان: ل ل

كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاًء ورزقه من حيث لا يحتسب ١‏ وعند وقوع الذنب» لما روى ا ا 0 «ما من مسلم

يعمل ذنباً إلا وقف الملك الموكل بإحصاء ذنوبه ثلاث ساعات. فإن استغفر الله

(1) في الصحيح.؛ باب استغفار النبي يَلِيدِ في اليوم والليلة؛ حديث رقم (5948) [2324/5]

ورواه غيره.

)2( فى صححيدحه» باب استحباب الاستغفار. 6606 حديث رقم (22702 [4/ 2]2075 ورواه غيره.

(3) في صحيحهء ذكر وصف الاستغفار الذي كان. . . » حديث رقم (927) [3/ 206] ورواه غيره .

4( في سئله )2 ياب الاستغفار» حديث رقم )0318 [1254/2] ورواه غيره. )5( رواهة الحاكم في المستدرك» كتاب التوبة والإنابة» حديث رقم 02) [4/ 291] ورواه

غيره. (6) كتاب التوبة والإنابة» حديث رقم (7675) [4/ 1291].

المنح السنئّة على الوصية المتبولية 55

وعند ختام جميع الأعمال فقد أجمع العارفون على استحباب ختام جميع الأعمال بالاستغفار. وفي الحديث: أنه كان يَلهِ يستغفر الله تعالى عقب كل مكتوبة ثلاث مرات تشريعاً لأمته وتنبيهاً لهم على نقص طاعتهم .

فعلم أنه ينبغي للعبد أن يكثر من الاستغفار ليلا ونهاراً سواء تذكر ذنوباً معينة أو لم يتذكرء وبذلك يأمن العبد من نزول البلاء عليه لقوله تعالى: 8ومًا كات أله مُعَدْبَهُمْ وهم يَسْتَغْفْرُوت# [الأنقال: الآية 33].

تنبيه : يتأكد على العبد كثرة الاستغفار كلما اعتقد الناس فيه الخير وهو في الباطن على خلاف ذلك» وما دام للعبد سريرة يفتضح بها في الدنيا والآخرة» فاللائق به كثرة الاستغفار والخوف لتلبيسه على الناس وقد قالوا: أشر الناس من يظن الناس فيه الخير وهو في الباطن على خلاف ذلك» فإذا تخلق بما ظنه الناس فيه كان له حكم آخرء فإن من شرط الكامل أن يشهد كماله ونقصه معأ ليعطين كلاً منهما حقه من الشكر والاستغفار؛ وما دام ناقصاً وتحت حكم ما تشهده من نقص أو كمال في حالين مختلفين لأنه صاحب عين واحدة بخلاف الكامل» فإنه صاحب عينين أو عين لا تزاحم عين صاحبتهاء وقل من يتفقد نفسه في ذلك». والغالب على الناس محبتهم لكثرة اعتقاد الناس فيهم فوق ما يستحقونه ولا يكاد أحدهم يستغفر من ذلك .

فاعلم ذلك يا أخي والزم الحياء» أي الحياء الشرعي فإنه من الإيمان» وقد قالوا: العبادة اثنان وسبعون بابأء أحد وسبعون في الحياء من الله تعالى» وواحد في جميع أنواع البر. وفي الحديث: «استحيوا من الله تعالى حق الحياء»» قالوا: إنا نستحيي يا رسول الله والحمد لله. قال: «ليس ذلك ولكن من استحيا من الله تعالى فليحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوىء, وليذكر الموت والبلى» ومن " أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدئياء فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله تعالى حق الحياء6" .

(1) رواه الحاكم في المستدرك» كتاب الرقاق» حديث رقم (7915) [4/ 1359 ورواه الترمذي فى صحيحه؛ باب 24) حديث ركم (2458) [4/ 637] ورواه غيرهما.

56 المنح السنيّة على الوصبة المتبولية

وكان الفضيل رحمه الله تعالى يقول: خمس من علامات الشقاء : القسوة في القلب» وجمود العين» وقلة الحياء» والرغبة في الدنياء وطول الأمل .

وكان السري رحمه الله تعالى يقول: إن الحياء والأنس يطرقان القلب فإن وجدا فيه الزهد والورع حطًا وإلا رحلا. وعلامة المستحي عدم وقوعه في اند

قلت : لعل المراد بعدم الوقوع: عدم الإصرار. يكون المريد مستقيماً في التوبة حتى لا يكتب عليه ملك الشمال ذنباً عشرين سنة. هل المراد أنه لا يقع في معصية أصلاً أم المراد أنه لا يصر بل يتوب ويستخفر على الفور؟ فقال: المراد الثاني» لأن المريد الصادق إذا وقع في الذنب بادر إلى التوبة والاستغفار» فانمحى عنه ذلك الذنب على الأثرء فلا يجد الملك شيئاً يكتبه لأنه يمكث أكثر من ساعة لعل العبد يتوب ويستغفرء فإذا ندم العبد واستغفرء ترك الملك كتابة الذنب . انتهى .

ثم لا يخفى أن الملكين لا يكتبان إلا المعاصى القولية والفعلية إذا تلفظ بها صاحبهاء وقال: فعلت كذا وكذاء لقوله تعالى فيها: كِرَامًا كني () يامو مَا تفعلُونَ 409 [الانفطار: الآيتان 11 - 12] والعلم غير الكتابة» فافهم .

والزم أيضاً يا أخي الأدبء فقد قالوا: لا ينبغي للرجل أن يطلب العلم والحديث حتى يعمل فى الأدب عشرين سنة.

وقالوا: كاد الأدب أن يكون ثلثي الدين.

وقالوا: القرآن الكريم شيئان: مراعاة أدب العبودية» وتعظيم حقوق الربوبية .

وقالوا: من لا أدب له فلا شريعة له ولا إيمان ولا توحيد.

المنح السنيّة على الوصية المتبولية 97

وقالوا: العبد يصل بعبادته إلى الجنة ولا يصل إلى حضرة الله تعالى إلا بالأدب في العبادة» ومن لم يراع الأدب في طاعته فهو محجوب عن ربه تعالى.

وقالوا: ترك الأدب موجب للطرد. فمن أساء الأدب على البساط رُد إلى الباب. ومن أساء الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب.

وقالوا: ما وصل أولياء الله تعالى إلى ما وصلوا بكثرة الأعمال» وإنما وصلوا بالأدب وحسن الخلق.

فاعلم ذلك يا أخي ولا تغفل عن ذكر الله تعالى» فقد قالوا: من نسي الله تعالى فقد كفر به.

وقالوا: كل من تساهل بالغفلة ولم تكن عليه أشد من ضرب السيوف فهو

وقالوا: إذا ترك العارف الذكر نَفْساً أو نفسين قيض الله تعالى له شيطاناً فهو له قرين» وأما غير العارف فيسامح بمثل ذلك» ولا يؤاخذ إلا في مثل درجة أو درجتين أو زمن أو زمنين ) أو ساعة أو ساعتين» على حسب المراتب .

وقلنريى العبينان27: قال الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إن ذكرني» فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» وإن ذكرني في ملا ذكرته في مل خير من ملئه؟ .

وروى ابن حبان”: «أَكثِروا ذكر الله تعالى حتى يقولوا مجنون».

وروى مسلم والنسائي والبزار: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند (1) البخاري في صحيحه. باب ما يذكر في الذات والنعوت. . . » حديث رقم (6970) [6/

1004 ومسلم في صحيحه )2 باب الحث على ذكر الله تعالى » حديث رقم ,22675 [4/

61 ]. 20( فى صحيحهء باب ذكر استحباب الاستهتار للمرء بذكر ربه جل وعلاء حديث رقم

(817) [3/ 199» ورواه الحاكم في المستدرك؛ كتاب الدعاء. . حديث رقم (1839) 73 ورواه غيرهما.

4 المنح السنئة على الوصية المتبولية

مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق» وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى» قال: ذكر الله عز وجل272 .

وروى الطبراني”” : «ليس تتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله تعالى فيها».

وروى أيضاً: «من لم يذكر الله تعالى فقد برىء من الإيمان»” .

وروى أيضاً: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت» .

وروى أيضاً: «يقول الله تعالى: يا ابن آدم إنك إذا ذكرتني شكرتني» وإذا نسيتنى كفرتنى2”**. قالوا: وهذا النسيان يطلق على نسيان غفلة الجهل بالله تعالى والإشراك به» وعلى نسيان غفلة الإعراض عن الله تعالى وطريقه وكلاهما مذوم.

وروى الترمذي”؟ : «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»» قالوا: يا رسول الله

وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر».

وروى أيضاً: «من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس» ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة»”” .

0) ورواه الحاكم في المستدرك» كتاب الدعاء والتكبير...» حديث رقم (1825) 11/ 3 ورواه الترمذي في سننهء باب منه (فضل الذكر)؛ حديث رقم (37) [5/ 459].

(2) في الكبير عن معاذ بن جبل» برقم (182) [20/ 93].

(3) أورده أبو الفرج البغدادي في جامع العلوم والحكم [1/ 445]؛ والهيثشمي في مجمع الزوائد» باب فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى» عن أبي هريرة [10/ 79].

(4) رواه مسلم بلفظ : «مثل البيت الذي يُذكر الله فيه» والبيت الذي لا يذكر الله فيه» مثل الحىّ والميّت؟.

(5) رواه الطبراني في الأوسط» من اسمه محمد؛ حديث رقم (7265) [7/ 200].

(6) في سئنهء باب (83)) حديث رقم (3509) [5/ 532] ورواه الحاكم في المستدرك.٠‏ كتاب الدعاء والتكبير. . حديث رقم (1820) [671/1].

0( في سئئه ) باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد. . حديث رقم (586) [2/ 1].

المنح السنيّة على الوصيّة المتبُولية 99 وروى البزار: «ذاكر الله تعالى في الغافلين بمنزلة الصابر في الفائزين)”" . وروى أيضاً: «ما من قوم جلسوا مجلساً وتفرقوا منه ولم يذكروا الله تعالى

فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة»”© . وزوع انق أن شيية* © “#ماامق آدمن إلأولقلبه يعانانئ لحدهيا الملك

وفي الآخر الشيطانء» فإذا ذكر الله تعالى خنسء وإذا لم يذكر الله تعالى وضع

الشيطان منقاره في قلبه ووسوس له».

.6 1 01 - ع وروى ابن حبان*: «سيعلم أهل الجمع من أهل الكرم؛ قيل: ومن أهل

الكرم؟ قال: أهل مجالسة الذكر؛. وروى أبو داود”©: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة

حتى تطلع الشمس أحب إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل». وروى الإمام أحمد”*': «غنيمة مجالس الذكر الجنة». قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى: وهذا الحديث

وأمثاله يلحق بدرجة الأمرء لأن كل فعل مدحه الشارح أو مدح فاعله لأجله أو

وعد عليه بخير عاجل أو آجل» فهو مأمور به لكنه تردد بين الإيجاب والندب.

انتهى .

(1) رواه الطبراني في الكبير والأوسطء والبزار. (انظر: الهيثشمي في مجمع الزوائد» باب ذكر الله تعالى في الغافلين [10/ 80].

(2) رواه الحاكم في المستدرك» كتاب الدعاء والتكبير. . حديث رقم (1808) [1/ 668]: ورواه ابن حبان في صحيحه.ء ذكر البيان بأن تفرّق القوم عن المجلس من غير ذكر الله. ..» حديث رقم (590) [2/ 351] ورواه غيرهما.

(3) في المصنف برقم (34774) [7/ 135] ورواه غيره.

(4) في الصحيح. ذكر ما يكرم الله جل وعلا به في القيامة...» حديث رقم (816) [3/ 8].

00 في سلئه؛ باب في القصص.». حديث رقم (3667) [324/3]» ورواه الطبراني في الأوسط؛ من اسمه محمد حديث رقم (6022) [6/ 137].

(6) في المسند عن عبد الله بن عمروء برقم (6651) [177/2] وبرقم (6777) [2/ 190].

100 المنح السنيّة على الوصية المتبولية

والأحاديث في فضل الذكر كثيرة .

فاعلم ذلك يا أخي ولا تترك الذكر ولو مع الغفلة.

قال الإمام سهل رحمه الله تعالى: سيروا إلى الله تعالى عُرْجاً ومكاسير ولا تنتظروا الصحة. فإن انتظار الصحة بطالة .

وقال صاحب الجكم : ١لا‏ تئرك الذكر لعدم حضورك مع الله تعالى فيه لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك مع وجود ذكره. وعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة. ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضورء ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكورء وما ذلك على الله بعزيز».

فاعلم ذلك يا أخي ولا تترك الذكر فإنه عمدة الطريق وأكبر من الصلاة.

قال الأستاذ أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى: الذكر ركن قوي في طريق الله تعالى؛ بل هو العمدة في هذا الطريق ولا يصل أحد إلى الله تعالى إلا بدوام الذكر .

وقال الشيخ أبو المواهب الشاذلي رحمه الله تعالى: إنما كان ذكر الله أكبر من الصلاة لأن الصلاة وإن كانت عظيمة فقد لا تجوز في بعض الأوقات» بخلاف الذكر» فإنه مستدام في عموم الحالات.

وقال أيضاً: اختلفوا أيما أفضل الذكر ستراً أو جهراً؟

والذي أقول به: إن الذكر جهراً أفضل لمن غلبت عليه القوة من أهل البداية» والذكر سراً أفضل لمن غلبت عليه الجمعية من أهل النهاية.

وقال أيضاً: أفضل صيغ الذكر للمريد قول: لا إِله إلا اللهء ما دام له هوى» فإذا فنيت أهويته كان ذكر الجلالة أنفع له لأن ما ثم هناك ما يغني حقيقة فافهم. واعلم أن الذكر منسوب الولاية» أي مرسوم من الله تعالى للعبدء كمراسيم ملوك الدنيا بالوظائف» وه الْمكلُ الْأَملّ» [التحل: الآية 60] فمن وفق

المنح السنيّة على الوصيّة المتبولية 101 لدوام ذكر الله تعالى فقد أعطي المرسوم بأنه ولي الله تعالى» ومن سلب ذلك فقد عزل عن الولاية» فافهم.

واعلم أن الذكر أسرع في الفتح من سائر العبادات .

قال سيدي علي المرصفي رحمه الله تعالى: قد عجز الأشياخ فلم يجدوا للمريد دواء أسرع في جلاء قلبه من مداومة الذكرء فحكم الذكر في الجلاء للقلب كحكم الحصى في النحاس» وحكم غير الذكر من سائر العبادات كحكم الصابون في النحاس». وذلك يحتاج إلى طول زمن.

وقال أيضاً: السالك من طريق الذكر كالطائر المجد إلى حضرات القرب» والسالك من غير طريق الذكر كالزمن الذي يزحف تارة ويسكن أخرى مع.بعد المقصدء فربما قطع مثل هذا عمره كله ولم يصل إلى مقصده. وأجمعوا على أن الفتح في الليل أقرب منه في النهارء وقالوا: كل من لم يذكر الله تعالى من غروب الشمس إلى الصباح في مجلس واحد ما عدا وقت الصلاة فلا يجيء منه

وقالوا: مّن لم يحصل له من الذكر حال قويٌ وحضور مع الله تعالى فليس له قطع المجلس» فافهم.

واعلم أنه لا يصل أحد إلى الحضرة الإلّهية إلا بهء أي بالذكر.

قال سيدي أبو مدين التلمسانى رحمه الله تعالى: من دامت أذكاره صفت أسراره؛ء ومن صفت أسراره كان في حضرة الله تعالى قراره. وإيضاح ذلك أن الحق تعالى لا يقرب إلى حضرته إلا من استحيا منه حق الحياء» ولا يصح لأحد” أن يستحيي كذلك إلا إن حصل له الكشف ورفع الحجاب» ولا يصح له الكشف ورفع الحجاب إلا بملازمة الذكر» وهذه طريق يصل بها المريد بسرعة. انتهى .

والمراد بحضرة الله تعالى حيث أطلقت في لسان القوم شهود العيد أنه بين يدي الله تعالى» فما دام هذا مشهده فهو في حضرة الله تعالى» فإذا حجب عن

102 المنح الستئة على الوصية المتبُولية

هذا المشهد فقد خرج منها فافهم. واعلم أنه لا يُحصّل أحد الكشف والإخلاص الكامل إلا به» أي الذكرء وقد تقدم أن الكشف لا يحصل إلا به.

والكشف على نوعين: حسي وخيالي.

فالخيالي: أن يغمض العبد عينيه عند رؤية شخص أو رؤية فعل» فإن بقي له الكشف فهو خيالي» وإن زال فليعلم أن الإدراك قد تعلق بما كان مخصوص. ومن كشف له عما يفعله الناس في قعور بيوتهم فهو كشف شيطاني يجب عليه التوبة منه فوراً. وإيضاح قولهم: الكامل لا كشف لهء أي لأنه مشغول بأداء أوامر ربه تعالى التي عليه في كل نمس فلا تدعه الأوامر المتوجهة إليه يتفرغ لغيرهاء وأما كون الإخلاص الكامل لا يحصل إلا بالذكر فهو كذلك» وقد رووه في رسائلهم فقالوا: إن أول ما يستجلى للعبد إذا اشتغل بالذكر: توحيد الفعل لله تعالى» وتوحيد الملك لله تعالى» وتوحيد الوجود لله تعالى. فإذا تجلى له توحيد الفعل لله خرج كشفاً ويقيناً عن شهود كون الفعل له وخرج به أيضاً عن طلب الثواب عليه وعن الكبر والعجب والرياء به» ودخل في فضاء الإخلاص الكامل فافهم». وأكثر من ذكر الله تعالى فإن به تنزل الرحمة لحديث الطبراني”: (لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده». وقالوا: أول ما تنزل الرحمة على مجالس الذكر» فافهم.

واعلم أن بذكر الله تعالى يزول الغم الواقع للناس في هذه الدارء فإن الهم والغم فيها إنما هو بقدر الغفلة عن الله تعالى» فمن أراد دوام السرور فليداوم على الذكر فلا يلومن العبد إلا نفسه إذا ترادفت عليه الهموم والغموم فإن ذلك إنما هو جزاء بقدر إعراضه عن ربه عز وجل» فافهم.

واعلم أن بذكر الله تعالى تذهب القسوة عن القلب.

(1) وحديث الإمام مسلم الذي رواه في صحيحه؛. باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكرء حديث رقم (2700) [4/ 2074] والحديث رواه غيرهما.

المنح السنيّة على الوصية المتبُولية 103

قال الحكيم أبو محمد الترمذي رحمه الله تعالى: ذكر الله تعالى يرطب القلب ويلينه» فإذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوة فقسى ويبس وامتنعت الأعضاء عن الطاعة. فافهم.

واعلم أن بمداومة ذكر الله تعالى تخمد الأمراض الباطنة من كبر وعجب ورياء وحسد وسوء ظن وحقد وغل ومكر وحب محمدة» وغير ذلك» فافهم.

واعلم أن بمداومة ذكر الله تعالى تنقطع الخواطر الشيطانية. والفرق بينها وبين الخواطر النفسانية: أن خاطر الشيطان أكثره يدعو إلى المعاصى» وخاطر النفس أكثره يدعو إلى اتباع الشهوة. وفرقوا بينهما أيضاً بأن النفس إذا طالبتك بشيء ألحّت فلا تزال ولا ترجع ولو بعد حين حتى تصل إلى مرادها إلا أن يدوم صدق المجاهدة. وأما الشيطان إذا دعاك إلى ذلك فخالفته فاته ذلك» ويوسوس بزلة أخرى» لأن جميع المخالفات عنده سواء. أه.

ومعنى الخاطر: خطاب يرد على الضمائر.

واعلم أن بذكر الله تعالى تدفع الآفات.

قال الإمام ذو النون المصري رحمه الله تعالى: من ذكر الله تعالى حفظه

من كل شيء : وقالوا: الذكر سيف المريدين به يقاتلون أعداءهم من الجن والإنس وبه يدفعون الآفات التي تطرقهم .

وقالوا: إن البلاء إذا نزل على قوم وفيهم ذاكر حاد عنه البلاء.

وقالوا: إن الذكر إذا تمكن من القلب صار الشيطان يصرع إذا دنا من الذاكر كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان» فتجتمع عليه الشياطين فيقولون: ما باله؟ فيقال: إنه دنا من ذاكر فصرع .

فاعلم ذلك يا أخي وأكثر من ذكر الله تعالى فإن به يمنع الشياطين من ركوينا.

104 المنح السنيّة على الوصية المتبولية

قال سيدي الشيخ أفضل الدين رحمه الله تعالى: إن الشيطان يركب أحدّنا كلما غفل عن ذكر الله تعالى» فإنه دائماً واقف تجاه قلب العبدء فكلما غفل عن ذكر الله تعالى استحوذ عليهء وكلما ذكر الله تعالى نزل عنه. فلو كشف لأحدنا لرأى إبليس يركبه كما يركب أحدنا الحمارة ويصرفها كيف شاء طول الليل والنهار. كلما غفل» وينزل عنه كلما ذكر الله تعالى.

وأجمع القوم على: أن الذكر مفتاح الغيب وجاز بالخيرء وأنيس المستوحش» وجامع لشتات صاحبه» وإذا غلب على الذاكر امتزج بروح الذاكر حبٌ اسم المذكور حتى أن بعض الذاكرين وقع على رأسه حجر فقطر الدم على الأرض واكتتب: الله الله»ء فلو لم يكن من شرف الذكر إلا أنه لا يوقت بوقت لكان ذلك كفاية في شرفه. وأجمعوا على أنه لا ينبغي تركه ولو مع الغفلة. فافهم .

واعلم أن فوائد الذكر لا تنحصر لأن الذاكر يصير جليس الحق تعالى من الأسرار والعلوم كلما ذكر لأنها حضرة لا يرد عليها أحد ويفارقها بغير مدد لكن مع الحضورء فيقال لمن اذُّعى أنه حضر بقلبه في ذكره مع ربه تعالى: ماذا أتحفك وأعطاك في هذا المجلس؟ فإن قال: ما أعطاني شيئاً» قلنا له: وأنت الآخر لم تحضر معه في ذكره. فاتخذ لك شيخاً يزيل عنك الموانع المانعة لك عن الحضورء فإن لم يجد له شيخاًء قلنا له: أكثر من ذكر الله تعالى باللفظ حتى يصير الحق تعالى مشهودك, وهناك يصح الفتح» لأن الذكر لله تعالى حقيقة هو استصحاب شهود العبد أنه بين يدي ربه تعالى» والذكر باللسان إنما هو وسيلة إليه؛ فإذا حصل له الشهود استغنى عن ذكر اللسانء فلا يذكر باللسان إلا في محل يقتدى به فيه لا غيرء لأن حضرة شهود الحق تعالى حضرة بهت وخرس يستغني صاحبها عن الذكر إذ هو بمنزلة الدليل؛ فإذا حصلت الجمعية بالمدلول استغنى العبد عن الدليل» فاعلم ذلك فإنه نفيس .

ولما ذكر شيئاً من فضائل الذكرء أخذ يتكلم على شيء من واجباته فقال:

المنح السنيّة على الوصيّة المتبولية 105

ولا تشرك معهء أي مع الذكرء غيره»ء فقد أجمعوا على أن كل شيء أشركه المريد مع الذكر قطعه عن سرعة السير وأبطأ فتحه بقدره كثرةً وقلة.

وقالوا: يجب على الشيخ أن يأمر المريد أن يذكر الله تعالى بلسانه بشدة وعزم» فإذا تمكن من ذلك يأمره أن يسوي في الذكر بين قلبه ولسانهء ويقول له: اثيت على استدامة هذا الذكر كأنك بين يدي ربك تعالى أبداً بقلبك» ولا تترك الذكر حتى يحصل لك منه حالء وتصير أعضاؤك كلها ذاكرة لا تقبل الغفلة عن الله تعالى» ولا تزد على الفرائض والسئن المؤكدة. ولا تشتغل بقراءة القرآن الكريم ولا بغيره» فإن ذلك إنما هو وِرْدُ الكُمّل الذين عرفوا عظمة الحق تعالى.

ثم بعد أن يلقنه الذكر يأمره بالجوع على التدريج شيئاً فشيئاً لئلا تقل قواه فينقطع عن الذكر» ويأمره أيضا بقلة اللغو والنوم وباعتزال الناس» فإنه لا بد مع الاشتغال بالتوحيد من ذلك» وإلا فكل شيء حصل من نور التوحيد تطفئه ظلمة الأكل واللغو كما هو مقرر في أركان الطريق. وقد عجز الأشياخ على أن يوصّلوا مريداً مع إخلاله بالأركان فلم يقدروا.

وقوله: وليكنء أي الذكر جهراً فإن الذكر جهراًء أنفع لمن غلبت عليه الجمعية. وقد أجمعوا أنه يجب على المريد الجهر بالذكر وأن ذكر السر والهوين لا يفيده رقياً وينبغي أن يكون الجهر برفق فإنه إذا كان بغير رفق ربما يتربى له فتاق في بطنه فيتعطل جهره.

وقوله: بقوة» أي يجب على المريد أن يذكر بقوة. فقد قالوا: إذا ذكر المريد ربه بشدة وعزم طويت له مقامات الطريق بسرعة من غير بطء»ء فربما قطع في ساعة ما لا يقطعه غيره في شهر وأكثر.

وقالوا: يجب على المريد أن يذكر بقوة تامة بحيث لا يبقى فيه متسع ويهتز من فوق رأسه إلى إصبع قدمه؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: 9إتُمّ قَسَتّ نوك ين بَنْد دَلِكَ ته كْجَارَو أو أَسَدٌ 4 ذالقةة الآية :فكما أن اليج لا ينكسر إلا بقوة كذلك الذكر لا يؤثر في جميع شتات قلب صاحبه إلا بقوة.

106 المنح السنيّة على الوصيّة المتبوليّة

وقوله: في جماعة» أي يجب أن يكون الذكر في جماعة؛, لأن الذكر في الجماعة أكثر تأثيراً في رفع الحجب .

وقد أجمع العلماء سلفاً وخلفاً على استحباب ذكر الله تعالى في المساجد وغيرها من غير نكير بشرطه. وقد شبه الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ذكر الإنسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد وأذان الجماعة» قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت مؤذن واحدء كذلك ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيراً في رفع الحجب» وكون الحق تعالى شبه القلوب بالحجارة» ومعلوم أن الحجر لا ينكسر إلا بقوة جماعة مجتمعين على قلب واحدء لأن قوة الجماعة أشد من قوة شخص واحد.

فإن قبل أفضل دكن لآ الها إلا اق أو زيادة محمد رسؤل الله ؟

فالجواب: الأفضل فى ذكر السالكين : لا إلّه إلا الله دون غيرهاء حتى تحصل لهم الجمعية مع الله تعالى بقلوبهم» فإذا حصلت فالأمر ظاهرء وإيضاح ذلك أن محمداً رسول الله إقرار» والإقرار يكفي في العمر مرة واحدة.

والمقصود من تكرار التوحيد: كثرة الجلاء لحجب النفس .

قوله: مع التعظيم؛ أي: يجب على الذاكر أن يستحضر عظمة الحق تبارك وتعالى قبل الشروع في الذكر.

قال الشيخ أبو بكر الكناني رحمه الله تعالى: من شرط الذاكر أن يصحبه والله لولا أنه تعالى فرض على ذكره لما تجرأت أن أذكره إجلالاً له» مثلى يذكر الحق تعالى ولم يغسل فمه بألف توبة مما سواه قبل ذكره. انتهى .

وأجمعوا على أن من لم يتحقق بآداب الذكرء وهي عشرون أدبا فبعيد عليه الفتح. ومن واجبات الذكر التوبة من كل ما لا يعني قبل الشروع فيه» وكثرة الشكر بعده وعدم الشرب عقبه » وعدم الاشتغال بجميع حقوق الخلق إلا ما كان

المنح السنئّة على الوصية المتبولية 107 عونا على السير.

وهذا آخر ما يسّر الله تعالى بجمعه على الوصيّة السنيّة .

وأسأل الله تعالى بفضله أن ينفع به كل من وقف عليه وأن يستر فضائحنا

في الدارين» وأن لا يُعاجلنا بالعقوبة. وأن يصلي ويسلّم على سيدنا محمد وعلى آله .

فهرس المحتويات «رسالة في موازين القاصرين»

ترجمة الإمام عبد الوهاب الشعراني 23011( أساتذة الشعراني ابامم الا م اماما الخ اهوت م ا الم تصانيف الإمام الشعراني وت و من كرامات الامام الشعرألي م ييه ا سبب تأليف الإمام الشعراني لرسالة موازين القاصرين 522011010 صفات الشيخ المتصدر للإرشاد الكامل في زمن الشعراني 00ظ2 بيان الإمام الشعراني للمقصود 5 الكتابى وك رم 1 0 الشرط الأول الواجب وار لي ردي 00006 شرط من يلقن الذكر ويعمل مسلكا اك ا واو ل علوم الأولياء الواجب توفرها فيمن يتصدر لتربية المريدين 0 شرط من يلقن المريدين الذكر 0 شرط مجمع عليه عند أهل الله تعالى 0000 1إ] مناقشة الشيخ الشعراني لمدعي الولاية من المشايخ القاصرين 25*20 صفات الجهلة ممن يدعي المشيخة والإرشاد ام ةا ا ل 14

109

27

31

34

110

تصيحة من الإمام الشعراني للمريدين وففم يوم ووووووم م عفترم من أوصاف أصحاب الدعاوي الباطلة 233360777

من علامة وقوف السالك مع نفسه 2111

تحذير المريد من ادعائه التوبة ش2*ظ5ظ2

من علامة كون الشيخ صاحب هوى تفس أحسن أحوال السالك 0 1 11171711

عدم اقتصار المريد في هذا الزمان على شيخ واحد

تعظيم الخلق للعبد سم قاتل 011 التحذير من الظلهور بالمقامات ه25

التحذير من قصد التنزيه ففف موه ووو مفو مم فهو وورووع مو ممم م نولو فررلة

ا 200100

0

ايه

ل 2000

مما امم ااي ا 20000

20000

2000

20

تحذير المريد من تخصيص أوقات للذكر م المراد بالذكر الكثير سس ا تحذير الشيخ من اعتقاده علو مرتبته وأنه من الأولياء ا مناظرة بين كلب السوق وكلب الصيد ا

الوصيّة المتبّوليّة

111

الاجم 210ةالاذاا (/0 لالم ااا لإلااناة /(الا

اا 101103130

الأذلالا1لا5- اث اذ لظ االا-ام الهلا لا١-انا‏ 678 1ل/ا- الثم نا ذلالا١85/لا-‏ اله مالم"

اط طا80 أمق 5-ا مقططقن/الا-الطة طلادة-ام

نا 520160 ألةلإلاه>ا-اج مستطقرطا اوم .دا

لاف لا 1/1 -!!-الة 1©»0108-ا8 58منا لوصوطة ١‏ -ألاراءع8

كثر ف 0 هذا ا 0 0 90 الإسلامي ا الحنيف قي مقاماته الثللاث: الإسلام» والايمان واللإحسان. وكثرت أ البدع والدعاوى الكاذبة؛ وخصوصاً ف المدّعين سلوك التصوّف

| الإسلامي الشارح لمقام الوحسان من شيوخ ومريدين.

| لذادعت الحاجة إلى نشر كتابين ف هذا المجال:

| الأول: يبيّن الشيخ الصادق من الكاذب, والمريد السالك من المدّعي.

| والثاني: يبيّن السلوك الصحيح إلى حضرة الحق تعالى.

لعَلّم من أعلام الشريعة» والطريقة؛ والحقيقة:» العارف بالله تعالى» | الإمام المحقّق الشيخ عبد الوهاب الشعراني قدّس سرّه.واسم الكتاب | الأولهه «موازين القاصرين من شيو بد ريدين».

واسم الكتاب الثاني: «المتح السَّنِيّة على الوصيّة المتبوليّة».

80/11/12 4 5 2961 9424 0 7 تا 1 5 961+ 11072296 رباخ الصلح يض

لخ سفن سخ مت حو وف ناك هوم نلف خشف حم دح اسم مس ممع طه رم 1٠ل‏ 6# هاما اللا الال 2 11 1 ا

-978-2-78451 اق

00 | 0 حتايية : تحميم وطباعة . دثر الكتب العلمية.

957827 1

|